ما مدى إصرارك .. وإلى أين يتجه في الأغلب .!!

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالـــــــمين .. الذي خلق الأرض ورفع السماء بلا عمدٍ نراها .. الذي انعم علينــــا بنعمة الإيمان وصلى الله وسلم على نبينا الحبيب وعلى شفيع الأمة محمد بن عبدالله عليــــــــــــــــه أفضل الصلاة وأتم التسليم .. أمــــــــــا بعـــــد :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من ذا يفرج كربا بات يضنينا .. ويزرع الورد فينا والرياحينا
وينشر الهدي إيمانناً وموعظتاً .. فـ البجهالة قد خابت مساعينـا

أقيم في يوم الأربعاء الموافق 21/3/1427هــــ محاضرة لفضيلة الشيخ الدكتور/ محمد بن عبدالرحمن العريفي رعاه الله بعنوان ( علو الهمّه في الإستقامة ) وكنت من الحاضرين وكانت المحاضرة قيمة في جميع النواحي وقد حضرها جمع غفير من الإخوة وكان الحضور يأتي من خارج المنطقة أيضا ؛ وقد خرج المسلمون وقد تغذوا بفوائد عظيمة في علو همتهم التي أضاعناها للأسف في آخر وقتنا هذا ؛ مما شدّني في هذه المنحاضرة قصة ذكرها الشيخ / محمد وهي عن شيخ طاعن بالسنّ عاش في وقت غير وقتنا هذا وكانت القصة كما ذكرها الشيخ كالآتي :
كان هناك شخص قد أقرض مبلغاً من المال لأحد المحتاجين ومع مرور الزمن عاد الرجل لمنزل هذا الرجل وطرق الباب عليــــه وطلب منه أن يوفي ما بذمته من دين ولكنه قام بطرده من امام منزله وإهانته فلجأ إلى من كان قريبا منه يطلب منهم المساعده على استخلاص حقه من هذا الرجل ولكنهم أخبروه بأن يلجأ إلى شيخ كبير بالسن يعمل خياطا ..!!! استغرب هذا الرجل من هذا الأمر .. ولكنه ذهب إلى الخياط فلما حضر له ورآه وجده شيخا كبيرا قد انكب على ثيابه يخيطها وايقن أن هذا الشيخ لن ينفعه بشيء وغيره من الأصحاء تركوا مساعدته .. ولكنه تحامل على نفسه وألقى السلام على هذا الشيخ وذكر له قصته .. فأبدى الشيخ مساعدته ولكن بعد أن يؤدون صلاة العشاء ويذهب برفقته إلى منزل هذا الرجل لإستخلاص المبلغ منه ... حانت صلاة العشاء .! انتهوا من الصلاة .. ذهبوا إلى منزل الرجل .. طرقوا المنزل .. خرج لهم .. وما إن رأى هذا الرجل .. إلا وقام بالصراخ والشتم .. فالتفت إلى الشيخ فبادره الشيخ بقوله : أعطي هذا الرجل حقه .. فأبى .!! فأعاد الشيخ كلامه .. فأبى .. فأغادها للمرة الثالثة .. فأبي .. فقال الشيخ : أعطي هذا الرجل حقه أو ..!! أو أرفع الآذان ...!! فارتبك الرجل وما هي إلا دقائق إلا وقام بسداد المبلغ كاملا لصاحب الدين ..!!!
انصرف الشيخ مع الرجل فقال له صاحبه : يا شيخ .. انا لا أستغرب أنك استطعت أن تجعله يوفي ما عليــــه من دين ... ولكن !! .. الذي استغربه خوفه من الآذان .. فما هي قصتك ..؟؟ فقال له الشيخ هذه قصة طويلة .. فبدأ الشيخ بسر د الحكاية كاملة .. وهي كالآتي :
لقد كنت في هذه البلاد وفي زمن بعيد أمام لأحد المساجد التي تقع هنا .. وبينما انا متوجه إلى مسجدي قد خرجت إحدى النساء من احد المنازل المجاورة تريد الإستحمام في اماكن الحمامات ( أجلكم الله ) التي يدفع لأصحابها كونهم لا يستطيعون الحفر في منازلهم لقضاء حاجاتهم بداخلها .. وعند انتهاءها وبينما هي عائدة إلى منزلها إذا بأحد الأمراء يراها ويعجب بها .. فقام بأخذها غصبا عنها لبيته ليتمتع بها ظلما واعتداءا .. فقمت بالتوجه له وطرقت عليه منزله .. ولكنه دفع لي بمماليكه لضربي ورميي بعيدا عن منزله .. فأبيت إلا أن اوقفه عند حدّه فقمت بعد الصلاة بالناس خطيبا لكي يتوجهوا معي إلى هذا الأمير .. وفعلا قاموا معي عصبة من الرجال .. ولكن الأمير قام بدفع حرسه ومماليكه بألآت حادّه وقام بطعننا بها وتعرضت أنا للضرب المبرجح حتى أغمي علي في مكاني .. وعندما صحوت في آواخر الليل توجهت لمنزلي وأنا مثخن بالجراح والدم .. وعندما افترشت سريري تذكرت هذه المرأة العفيفة الشريفة وما يفعل بها هذا الأمير من ظلم .. فأبت علي نفسي إلا أن أرجع .. ولكن هذه المرة خطرت ببالي فكرة أن أرفع الآذان حتى يسمع الناس ويظن الأمير أن الفجر حان فيخاف ويطلق المرأة .. فقمت برفع الآذان حتى انتيت ولكنه لم يخرج فلم البث إلا وحراس الخليفة تحت منارة المسجد ينظرون إلى ويأمرونني بالنزول ... وعندها سألوني عن سبب رفعي للأذان فلم أجبهم فقاموا بأخذي إلى الخليفة .. وعندما وصلت إلى الخليفة في قصره وجدت انه لم ينم بعد .. فسألني وقال : ما بالك تؤذن في هذا الوقت .. قد أفسدت على الناس صيامهم .. وصلاتهم .. ونومهم .. وعباداتهم ..!! فلم أجبه لأني كنت مرتبك من هذا الموقف .. فلما رأني تركني حتى هدأت .. فأعاد إلى السؤال مرة أخرى .. فأخبرته بما حدث .. فغضب غضبا شديدا وأمر حراسه بالتوجه لمنزل الأمير وإحضارها وليأخذوا معهم نساء لكي يعيدوا المرأة إلى منزلها .. فعندها حضر الأمير لدى الخليفة وامر بأن يوضع في كيس ويطعن حتى يموت ويلقى خارجا .. فبعدها إلتفت علي وقال .. إن رأيت أي منكر بعد ذلك ولم تستطع تغييره او النهي عنه فأخبرني بذلك على الفور .. وإن رأيت أن الوصول إلى صعب .. فارفع الآذان وسيأتوك حراسي وينفذوا أمرك ..!! فلم يزل بعدها هذا الشيخ إلا ويأمر بالمعروف وينفذ امره على الفور .. وينهى عن المنكر فينتهي من يفعله ..
قد يسأل البعض عن السبب في ذكر هذه القصة :
هذه القصة نستطيع أن نزنها في ميزان .. الكفة الأولى من الميزان نضع فيه الذين سبقونا وكيف كان همهم وهمتهم في السمو بهذا الدين .. وإطاعة الله فيما أمر واجتنابه فيما نهى .. والكف الاخر من لميزان .. نحن في هذا العصر .. الذين وللأسف لانستطيع أن نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر .. مجاملة .. او مداهنة .. أو لمصلحة نريدها .. فقد عرف في القصص أن رجلا سأل صاحبه : هل جيارنك يحبونك .؟؟ قال: نعم .. قال : إذن انت لا تأمرهم بالمعروف ولا تنهاهم عن المنكر . لإنك إن فعلت .. لوجدت أن فلانا يحبك .. وفلانا لا يحبك لأنك تأمره بالصلاة .. وفلانا لا يحبك لأنكط تنهاه عن كذا وكذا .. فلكم ان تزنوا انفسكم في أي مكان أنتم .. في زمن لا نفرق فيه بين الحرام والحلال ... وللأسف .. إلا ما رحم ربي ..

[COLOR="red"]تقبلوا تقدير أخوكم

أبو مصعب الشرقي