|
|
#1
| ||||||||
| ||||||||
هدى والعاصفة...الجزء الثاني... وتحترق الأيام في تسلسل ممل و رهيب، و تبقى الذكريات عالقة بالأذهان شاهدة على المآسي و الأحزان. يختفي أيوب عن الأنظار و من على مسرح الأحداث، كأن الأرض ابتلعته و تسأل هدى عن سبب اختفائه المفاجئ و تسأل نفسها هل أصابه مكروها؟ لماذااختفى فينقبض قلبها و يمتلكها الحزن، و تتذكر آخر جملة أسمعتها إياه (لنبقى أصدقاء و باسم الاختلاف تستمر الحياة ) و تتساءل مجددا ( هل كانت هذه الأحرف كافية لاختفائه ؟)) إنها لم تره مند أن صادفته للمرة الأخيرة قرب المطار، وهى تغادر ملهى (ليالي الأنس ) رفقة سرحان حينها تلاقت النظرات دون أن ينطق كليهما بكلمة، أحس أيوب حينئذ بغربة و هي تتجاهله و قد فعلت دلك عن قصد، لقد كانت مرغمة أنه سر لا يعلمه سواها، كان سرحان رأس الخيط الذي تمسكت به ليدخلها لإمبراطورية الصمت، لتدخلها من أبوابها الضيقة، لم ترد التضحية بمجهود سبعة أشهر من العمل الدءوب في لحظة ضعف، خفق قلبها عند رؤية أيوب، أرادت أن تستوقفه و تستفسر عن و جهته في هذا الظلام الحالك، لكنها تراجعت و كانت عاطفة الواجب أقوى من أي عاطفة، و راحت راكبة سيارة ( الشبح ) ليقلع سرحان بسرعة جنونية تسبق الريح، و يبقى أيوب مصلوبا مذهولا بمكانه من هول ما رأى، كان قلبه يتقطع حسرة، و ها هو طوفان الأسى و الشك يجتاحه ليجرفه إلى حيث لا يدرى. تمر أسابيع و يطول غياب أيوب و يصبح مقلقا. لم تتمالك هدى نفسها و تلجأ ذات يوم إلى مصلحة الإشارة للاستفسار عنه بغية معرفة أخباره، قيل لها بأنه حول إلى تمنراست نزولا عند رغبته لاعتبارات صحية، لم تعد صحته تحتمل الأجواء الرطبة و الملوثة للمدينة، لقد ترك المصلحة مند شهرين تقريبا، شكرت محدثها و تذكرت يوم تلاقى نظراتهما و قالت في نفسها (( لقد كان يوم اختفائه...)) و خرجت للشارع طلبت سيارة أجرة فركبتها و أعلنت عن وجهتها ((اجهة البحر، ساحة المغرب العربي.)) انزوت في مقعدها في صمت و انشغلت في تفكير عميق استنتجت بأن أيوب لم يكن سوى الهرب من الواقع، و الذي صنعه لنفسه فمن سمة الجزائري التأويل و عدم الرضا بالهزيمة، فمن طبيعة دمه الساخن أنه يثور لأتفه الأمور فكل شيئ لديه مقدس أحيانا يرتكب حماقات باسم الشرف و الشرف بريء منه و نادر ما يستسلم و يقبل بالهزيمة و يختفي، فأيوب يعتبر من القلة القليلة التي تفضل الانسحاب و الاختفاء، لقد كان حكيما في قراره مما زاد إعجاب هدى و تعلقها به أكثر، تنهدت بعمق كا دت أن تنفجر و تمتمت و قالت : (( آه لو يدرى...آه لو يعرف الحقيقة)).حقيقة مادا؟ حقيقة العاصفة التي عصفت به و اجتاحته أم حقيقة دمه الساخن الذي لا يسمح له بالهزيمة و رغم دالك سمح له بالهرب و الاختفاء؟ تتوقف الطاكسى، تنزل هدى و تجوب ساحة المغرب العربي الذي يغطيها الضباب بخطى ثقيلة قاصدة قاعة الشاي (( غر ناطة )) أين وجدت أنور مسئولها المباشر في انتظارها جالسا بعيدا عن الأنظار، لقد جرت العادة أن يلتقيا في مثل هده الأمكنة كلما دعت الضرورة لذالك، جاءت لتقدم له آخر المستجدات و آخر التقارير عن العملية الكبيرة لقد استطاعت بذكائها الحاد أن تحصل على أدق المعلومات من سرحان دون أن تدفع شيئا، و دون أن يتفطن لطبيعة عملها انه مغرما بها. جلست و الحزن باديا عليها حتى خيل لأنور بأن أمرها قد يكون انكشف لكنها تطمئنه و تنبئه بأنها سوى مرهقة، و أن العملية ستتم الليلة تحت جناح الظلام، كما هو مخطط لها و بعد موافاته بالشروحات الأزمة تنصحه باستقدام قوة إضافية و تنهض لمغادرة المكان. هنا تنتهي مهمة المفتشة هدى التي استقدمت من مدينة مجاورة خصيصا لهذه المهمة، لبست لباس الشرعية كطالبة للسماح لها بالإقامة بين الطلبة دون أن تلفت الانتباه و باشرت المهمة التي أوكلت لها في سرية تامة لتقودها مجريات الأحداث إلى عالم الملاهي و الوسط المتعفن الذي سكنته الخفافيش و الذي ظن أيوب ذات ليلة أنه ابتلعها، لقد استطاعت سحب البساط من تحت الأرجل، و لم تبق لها ألا سويعات لتوجيه ضربة قاضية لهذا الإخطبوط الفتاك الذي لا يرحم، لقد استطاعت استنطاق الصمت و هز عرش الإمبراطورية التي اعتمدت على المال و القوة. تصل لإقامتها فترتمي سريرها في نوم عميق، حيث رأت فيما يرى النائم بأنها طارت في الأفق تقودها حمامة بيضاء عبرت الصحراء و استقر بها المقام بمدينة حمراء تحيط بها بساتين خضراء، حينما استفاقت من نومها كانت الساعة تشير إلى الثالثة زوالا. فالتحقت فورا بمكتب عميد مصالح الأمن القضائي، كما هو متفق عليه في أعقاب كل عملية فأستقبلها بابتسامة عريضة و حفاوة كبيرة لم تشهدها من قبل، بسط أمامها جريدة مسائية، حيث كتب على صدرها بالبند العريض ما يليّ ّّ ألقت مصالح الشرطة القضائية البارحة القبض على مجموعة من الأفراد ينتمون إلى شبكة تهريب دولية بالمدينة، حيث كانت البضاعة المهربة مخبأة بزورق مهمل كان راسيا بجانب رصيف ميناءا لمسافرين، و قد تبين فيما بعد أن الشبكة تنشط على الشريط الحدودي، و تعتبر شبكة عالمية من حيث الوسائل و التنظيم، و الفظل يعود في دلك إلى المفتشة هدى غفران و الفريق المنتمية أليه بقيادة الظابط أنور، و لا تزال لحد الساعة هذه القضية تستقطب الرأي العام المحلى)). حين أتمت قراءة الخبر، أحتفضت بالجريدة و كمكافأة لها قال عميد الشرطة ّقررت مديرية الأمن مكافآتك بأسبوعين عطلة مدفوعة التكاليف و لك اختيار المكان الذي تودين قضائها به.)) لحظتها خطر ببالها أيوب و بدون إطالة تردّ : ّ- تمنراست...يقال بأنها مدينة سياحية و هده فرصة للتعرف عليها و على أناسها الطيبين ّ ّ- هذا مدهش، لم أكن أتوقع هدا الاختيار خاصة و نحن على أبواب الحر، ليكن ما أردت، فسنقوم بجميع الإجراءات.ّ في صباح اليوم الموالي حزمت أمتعتها و تسلمت تذاكر الطائرة و الإقامة و تلتحق بمدينتها لتمكث يومان بين أسرتها و من هناك تعرج على المطار لتطير لتمنراست للالتحاق بأيوب، و بعد سفر ممل و شاق تحط بمطار ّ أقنار ّ أين يعم الهدوء و السكينة كأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة. في الطرف الأخر من المدينة جلس أيوب بإقامته على الكرسي بالقرب من النافدة كالمعتاد، فادا بالرياح تشتد سرعتها و تصبح غربية الاتجاه فيخيم عليه الحزن، لأنه كلما عصفت من هذا الاتجاه إلا و جاءت بالعواصف فيطلق العنان لمخيلته ليجوب العرق الكبير و الصحراء بأكملها في ثوان معدودة ليجد نفسه بحي الصديقية، ثم حي الصخور و يعرج على واجهة البحر و نوار سه البيضاء فتطل عليه من أعلى جبل المرجاجو ّ سنتا كروز ّ الشامخ في و جه الدهر منذ رحيل الأسبان، و بينما هو على حاله إذ يشعر بيد تلمس كتفه في حنان فيدير رأسه، فادا بفتاة واقفة فوق رأسه فخيل له للوهلة الأولى بأنه يحلم و بأنه ملاك على صفة أمل خطيبته المتوفاة نزل إليه من السماء أتت به العاصفة لينقده مما هو عليه، و قبل أن يتفوه بأي كلمة تبادره قائلة ّ لقد تعبت من البحث عنك، أخيرا دلوني على إقامتك زملائك بالمصلحة، وجدت الباب مفتوحا، طرقت عدة مرات لكن لم يجبن أحد فدخلت، حطت حقائبها، ومدت له بيدها مصافحة و قالت ّ ألا تأمر لي بالجلوس ؟ ّ قال ّ اجلسي أيتها العاصفة ّ فابتسمت بابتسامتها المعهودة و قالت كلاما مبهما كعادتها ّ تجرد طواعية من سيفك أنا العاطفة ّ بعد صمت رهيب دام دقائق أمطرها بأسئلة مست بشرفها و جرحت كرامتها انتفضت و صرخت في وجهه ثائرة . فتحت حقيبتها و رمت له ببطاقتها المهنية و الجريدة المسائية التي نشرت تفاصيل القضية التي أسالت وديانا من الحبر . بعد ما تعرف على الحقيقة تجسد أمامه الواقع و تساءل ما هو الواقع؟ و من صنعه؟ و لماذا حين يتجسد تتبدد الأحلام؟ و هذه المرة يجيب على نفسه فيستنتج بأن الواقع هو الحقيقة المطلقة صنعته الظروف و حين يتجسد قد تتبدد الأوهام و تتجسد الأحلام جحضت عيناه و اغرورقت بالدموع . نهض من مكانه احتراما و إجلالا لها و تأسف عما صدر منه و طلب منها الغفران و قال ّ الآن أنى لا أرضى بلذة العيش إلا بجوارك و لا أرضى بنور السعادة إلا في ابتسامتك الهادئة المرتسمة على شفتيك . أفضل يوم أقضيه بجانبك على جميع ملذات الدنيا و مسرات الوجود فأنت رائعة، ذكية، وطنية، قوية و رحيمة، أنت الوفاء و الشرف، أنت العفة نفسها، خذي سيفي أيتها العاصفة, أنت العاطفة، و أنا في هذا النور الساطع تحملني أجنحة السعادة تنتشلني من ظلمتي و عزلتي إني...ّ فتقاطعه و تقول ّ لا تكمل لمست ذلك من خلال رسالتك التي لا زلت احتفظ بها و كنت أحس بذلك، لكن عاطفة الواجب كانت تقف عائقا بيني و بينك و كانت الأقوى , لكن لا يمنعني ذلك من أن أحفظ لك ما كنت تكتبه من أشعار هيا أسمع ّ يا نسمة البحر و نفحة الريحان و يا فراشة الربيع فوق الغدران. عودني غنجك تهجين الأحزان. و أكتظم أشواقي داخل الوجدان لأصطنع البسمة فوق الشفتان و أتحمل ما لا يتحمله أي إنسان لاكتسب عظمة ليوث وهران.. ّ لحظتها يضمها لصدره كاد أن يخنقها و يرد عليها قائلا ّ لكنك تجهلين ما كنت أود أن تسمعيه، و أنا في طريقي لهنا هيا أسمعي : ّ لقنني حبك فاتنتي كيف أن أكتم الأسرار و كيف أحتفض لك بأحلى التذكار و أشق طريقي بين اللهب و النار غريبا في طبعي لأنتحر مثل الأطيار...ّ انقضت مهلة من الوقت و تهدأ العاصفة، يخرجان متعانقان في حرارة لا مثيل لها يجلسان فوق ربوة قريبة يتأملان منظر غروب الشمس و تتراء لهما في الأفق قافلة من الجمال، يركبها رجال من الطوارق و يسمعهم الريح من حين لأخر أنغام التندي المتقطعة المنبعثة من هناك... المصدر: منتديات مدينة الاحلام i]n ,hguhwtm>>>hg[.x hgehkd>>> |
18 - 10 - 2006, 08:14 | رقم المشاركة : [2] | |||
| راااائع ابداااع قصه جميله جدا شكرا لك | |||
01 - 11 - 2006, 07:06 | رقم المشاركة : [3] | |||
| الاخ العزيز وقاص المدينة ومبدعها الرائع مشكور اخي على كل ماتقدمه ودمت | |||
06 - 11 - 2006, 13:07 | رقم المشاركة : [4] | |||
| انا اشكرك يا عيوني على القصه الجميله والله يوفقك في كل شياء اخوك : ابـــــــ فهد ـــــــــو | |||
28 - 11 - 2006, 03:07 | رقم المشاركة : [5] | ||||||||||||||||||||||||||
|
شكر لسكرتير الادارة على الاطراء. | ||||||||||||||||||||||||||
12 - 01 - 2007, 06:38 | رقم المشاركة : [6] | |||
| سلمت وسلمت يدك قصة جميلة فى انتظار جديدك دمت فى رعاية الله | |||
15 - 01 - 2007, 09:47 | رقم المشاركة : [7] | |||
| دمت فى رعاية الله | |||
27 - 01 - 2007, 11:20 | رقم المشاركة : [8] | ||
| الاخ الف شكر لك كم اسعدني حضورك شكرا | ||
31 - 01 - 2007, 02:14 | رقم المشاركة : [9] | ||||||||||||||||||||||||||
|
شكرا على المرور. سلمت. | ||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هدى والعاصفة ---الجزء الأول---- | cherif rouan | قسم القصص والرويات | 11 | 31 - 01 - 2007 02:10 |
علاج لطرد السموم من الجسم | العقيق اليماني | قسم الصحة | 6 | 30 - 12 - 2006 03:39 |
فتاوى تهم الصائم .. الجزء الثاني ,, | بيســــان | قسم رمضان | 10 | 28 - 09 - 2006 02:26 |
الدوري الانجليزي : المركز الثاني لمن .....؟؟؟!! | الجرئ2006 | القسم الرياضي | 0 | 21 - 01 - 2006 22:37 |
Powered by vBulletin Version 3.8.7 Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd ترقية وتطوير: مجموعة الدعم العربى |