تربية المراهق على الصبر - تعويد المراهق على الصبر

تعويد المراهق على الصبر
تهاني عبد الرحمن

قلة الصبر صفة تصبغنا جميعًا! فالحياة اليومية حافلة بالمشاغل والأحداث والاهتمامات، مما يجعلها أحيانًا ضاغطة ومثيرة للتوتر، ويجعل الكثير منا يشتكون من قلة الوقت. يميل الأهل إلى أن يفقدوا أعصابهم بسرعة أمام أولادهم المراهقين من دون أن يدركوا أنهم غالبًا ما يصدرون إليهم الأوامر أكثر مما يسدونهم النصح.
لا يعرف المراهقون مدى الحياة المهنية الضاغطة التي يعيشها أهلهم، ويجهلون ما معنى تنظيم الوقت، وتتوتر أعصابهم بسرعة، ويبدون نفاد صبر واضح تجاه كل شيء وخصوصًا تجاه المواعظ ودروس الأخلاق الصادرة عن أهلهم.
يجب أن يتحلى الوالدان بالصبر حيث يجعلهم أكثر تسامحًا مع أولادهم، وبذلك نغرس فيهم هذا الصبر ويتعودون عليه.
إن للصبر أهمية عظمى لكل مؤمن يريد أن يلتزم بطريق الله، الصبر أمر نتعلمه ونديره ونعيّر مقداره، والصبر كغيره من سائر العبادات والأخلاق المحمودة؛ يتفاضل أهله بين بعضهم البعض على درجات متفاوتة، ولكل فريق من هؤلاء ثوابه بقدر بذله وصبره. قال الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ (سورة الأحقاف: 35).
المراهق المسلم يعيش تحديات كبيرة نتيجة لاختلاف مبادئه وعقيدته عن الثقافة العامة للمراهقين غير الملتزمين بمبادئه. ولذا سيضطر لمخالفة زملائه في أمور كثيرة وسيحتاج إلى الصبر في ذلك. إنه سيحتاج إلى الصبر لأداء الطاعات التي أمره الله بها دون أن يخجل أو يتردد في أدائها أمام الآخرين. قال تعال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ (سورة البقرة: 153).
إنه سيحتاج إلى الصبر كي لا يقع في المعاصي التي يرتكبها زملاؤه والتي يعتقدون أنها أمر عادي من أمور الحياة مثل: التدخين أو السرقة أو التحرش بالأصغر منهم وغيرها من العادات السيئة التي يقوم بها المراهق التي لا حصر لها. قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ (سورة الزمر: 10).
يحتاج المراهق الصبر للوصول إلى النجاح وتحقيق الأمنيات فالحياة ليست سهلة إنما يوجد الكثير من العقبات والثغرات التي يجب أن يتخطاها حتى ولو سقط وتعثر مرة يجب أن يصبر ويقاوم ويستمر. يحتاج المراهق إلى الصبر ليقف أمام مغريات الحياة وضغوطها، لهذا كان الصبر من أهم المفاهيم التي يجب أن يتسلح بها المراهق ويعمل الوالدان على غرسها.
يحتاج المراهق إلى الصبر على الناس، وليس فقط فائدته الثواب بل إذا تعلم الشاب آداب الحوار، وعلى رأسها قبول الاختلاف مع الآخرين، والصبر على الاستماع فإنه بذلك يحمي نفسه من أمراض نفسية كثيرة، على رأسها الانطواء والعنف. لأن المراهق بسبب تكامله العضوي والعقلي يملك ما يملكه الكبار من أنواع الانفعالات… لكن المراهق تنقصه الخبرة والتجربة، فهو من حيث النمو يعيش في أوضاع وسمات جديدة، ومن حيث البيئة والاكتساب لم تعركه التجربة بعد، ولهذا فإن المراهق لا يستقر في انفعالاته؛ فهو يغضب كثيرًا وسريعًا ولأسباب حقيرة.
بعض الطرق لغرس الصبر في قلب المراهق:
أولا: القدوة الحسنة فيجب على الوالدين أن يكونوا المثال الطيب للتحلي بالصبر، فصبر الوالد مثلا عند ازدحام الطريق يعطي انطباعا جيدا عند الابن وتطبيقه في المستقبل. فهذا يساعد على تدريب المراهق على الصبر.
أيضًا، عدم إعطاء المراهق كل ما يطلبه بسرعة وإنما يجب مناقشة الموضوع والتريث حتى الانتهاء من بعض الواجبات لأن ذلك يعود المراهق على التفكير والتدريب على الصبر.
يجب أن يوضح الأهل للمراهق الجزاء الذي وعده الله عباده الصابرين، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ (سورة الزمر: 10).
الصبر عبادة؛ ننال بها الثواب في الآخرة والمكانة العالية، ونتمكن به من ارتقاء درجات النجاح وتحقيق الإنجازات في الدنيا أيضًا، إنه عبادة صفوة الخلق؛ كما قال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ (سورة الأحقاف: 35).
الصبر ممارسة يومية، نكتسبه بجرعات محددة، وهو يفتح المجال لتعلم أمور جديدة ويعطي المراهق ثقة أكبر بالنفس.

المراجع:
• كتاب: (في بيتنا مراهق) آن شابيرو - نييل.
• كتاب: (قبل أن يصبح ابنك المراهق مشكلة) د. محمد رضا بشير، د. إكرام أحمد بشير.
• مقال: (الصبر السر العظيم) أم عبد الرحمن.

المصدر: منتديات مدينة الاحلام