|
|
#1
| |||||||
| |||||||
نكبة أمن الغذاء العالمي في زمن العولمة نكبة أمن الغذاء العالمي في زمن العولمة معطيات الأزمة وأسبابها الآثار الاجتماعية والتداعيات المنظورة الحلول الناجزة الجوع والمجاعة هما بئس الضجيع، وهما أسوأ ما يمكن أن يصاب به أي مجتمع أو دولة. فالجوع الناتج عن شح الغذاء أو ارتفاع سعره ليس إلا تعبيراً مكثف المعنى لمفردات أخرى أكثر قسوة مثل الفقر وعدم امتلاك قوت اليوم وافتقاد الحرية، وربما السلطة والجاه. والتاريخ يذكر لنا أمثلة كثيرة، عن قوى ونظم كبرى عديدة تسببت ثورات الخبز في سلبها أسباب قوتها وفقدانها سلطانها، ومنها الملكية الفرنسية والعهد القيصري في روسيا. كما يذكر ثورات كثيرة للجياع، زلزل بعضها أركان السلطة وأزال الحكومات القائمة، أو كاد بعضها الآخر يعصف باستقرار الأنظمة والنخب الحاكمة في أكثر من بلد، ومن ذلك ما حدث مؤخراً بسبب جموح أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية في كل من مصر واليمن وهاييتي والمكسيك والكاميرون وإندونيسيا وغيرها، مما يشير إلى أن العالم يعاصر حالياً أزمة غذائية طاحنة، لا يعرف مداها ولا منتهاها إلا الله. معطيات الأزمة وأسبابها المشكلة في الأزمة الحالية أن آثار ارتفاع أسعار الغذاء وشحه لم تعد مقتصرة على الشعوب الفقيرة في دول العالم النامي وما يسمى الدول الفاشلة، بل باتت تهدد أيضاً الأفراد والمجتمعات في الدول المتقدمة، وإن تباين بالطبع الوضع ودرجة التأثر في كلتا الحالتين، وقد رأينا على سبيل المثال مدى تآكل دخل الفرد في دول الخليج جراء الأعباء التي فرضتها هذه الأزمة. اللافت أيضاً في أزمة الغذاء الحالية، التي تتشابه معالمها وصفاتها في بعض الدول من أجواء المجاعات والشدائد الغذائية، أن منحاها بات يتصاعد بشكل مذهل. ففي الأشهر الستة الماضية فقط، أضيف لفقراء العالم وجوعاه أكثر من 100 مليون فرد، كما بلغت نسبة العجز في ميزانيات هيئات الإغاثة العالمية وبرنامج الغذاء الدولي أكثر من 40%، بسبب الارتفاع الرهيب في أسعار الغذاء. أما أكثر ما يلفت الانتباه بخصوص هذه الأزمة، فهو تشابك أسبابها وأبعادها وتداعياتها على المستوى العالمي، بطريقة تدعو للدهشة، وبقدر نحسب أنه لم يتوافر في أي مجاعة أو أزمة غذاء سابقة. والأمر مرده أن الأزمة الحالية هي أولى أزمات الغذاء في زمن العولمة، وفي ظل تحكم آليات السوق في الاقتصاد العالمي، وهي إشكالية أتاحت لفيروس الغلاء الانتقال والانتشار من الواقع الإقليمي إلى المحيط العالمي، بسرعة الهشيم دون أن يتيح للمتعولمين في مختلف أرجاء هذا المحيط فرصة التكافل والتشارك من أجل درء أعباء وشرور ذلك الفيروس المستطير. وفي نفس الإطار يمكن أيضاً القول إن جل أسباب أزمة الغذاء الحالية، إن لم يكن كلها، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإحدى أهم آليات السوق، ألا وهي قاعدة العرض والطلب. وأول هذه الأسباب يعود لتزايد الطلب على النفط وقفزات الأسعار الحادثة فيه، وما ترتب على ذلك من ارتفاع كلفة إنتاج المواد الغذائية، حيث تتطلب أساليب الزراعة الحديثة وعمليات إنتاج الغذاء، استهلاك جزء كبير من الطاقة، أثناء الحصاد والنقل والتخزين والتصنيع، وهو ما يضاف إلى التكلفة ومن ثم إجمالي سعر السلعة المباعة. ارتفاع أسعار النفط أدى أيضاً إلى توجه الدول الصناعية والنامية الكبرى نحو أحد مصادر الطاقة البديلة المتاحة، وهو الوقود الحيوي، المصنع من المحاصيل الزراعية الأساسية مثل القمح والذرة وفول الصويا، وهذا بدوره أدى إلى دفع جزء يسير من الإنتاج العالمي من هذه المحاصيل إلى خزانات السيارات والمحركات بدلاً من البطون الخاوية للجياع والفقراء. وقد كانت لآثار التغير المناخي وموجات الجفاف والصقيع المتبادلة، التي ضربت أجزاء كثيرة في العالم خلال العامين الماضيين، كلمة مؤثرة أيضاً في هذا الشأن، حيث ساهم ذلك في إتلاف جزء كبير من المحاصيل والحبوب الغذائية في عدد من الدول الزراعية الكبرى، مثل أستراليا والصين والأرجنتين والهند، وهو ما أثر على حجم المعروض من هذه المواد، وارتفع من ثم سعرها العالمي. من الأسباب الفاعلة أيضاً ما يقال عن ارتفاع مستويات المعيشة ومعدلات النمو في الاقتصادات الناشئة، بخاصة الصين والهند، وعن أثر هذا في ظهور طبقة من المقتدرين في كلتا الدولتين، لا يقل عددها عن 300 مليون نسمة، تنتمي للطبقة الوسطى، لكنها تتمتع بقدرة شرائية عالية، مكنتها من ترقية مائدة طعامها اليومي بكميات إضافية من الحبوب واللحوم، وبقدر ساهم في زيادة الطلب على منتجات المزارع من القمح والأرز والألبان واللحوم. لا ينبغي أيضاً إغفال دور السياسات الزراعية الخاطئة في التأثير على حصيلة الإنتاج الزراعي العالمي. هناك كثير من الدول أدت السياسات الزراعية الانتقائية وسوء التخطيط الزراعي فيها، إلى بوار قطاعات كبيرة من الأراضي الزراعية، وإلى تحول قطاعات أخرى فيها نحو المحاصيل المربحة مادياً، تفضيلاً على المحاصيل الأساسية الأخرى الأقل ربحاً. وتعد مصر في هذا نموذجاً صارخاً، حيث تخلت الحكومة فيها عن خطة طموحة لتغطية جزء كبير من احتياجات البلاد من القمح، مقابل زراعات تصديرية أخرى لا تنتج طحينا مثل الفراولة والكنتالوب!. وقد ضاعفت من حجم المشكلة أيضاً، المضاربات والممارسات الاحتكارية الجارية بشأن المواد الغذائية والزراعية في البورصات وصناديق الاستثمار العالمية، علاوة على لجوء بعض الدول المصدرة للمنتجات الزراعية إلى فرض قيود على الصادرات، في محاولة لإرضاء المستهلك المحلي، ووقف التوترات الشعبية الداخلية، وهو وإن تحقق، فقد ساهم في زيادة الأسعار عالمياً، وزاد من عمق الأزمة، بالنسبة لدول أخرى كثيرة. الآثار الاجتماعية والتداعيات المنظورة تداعيات أزمة الغذاء الحالية متشابكة أيضاً ولا تقل تعقيداً عن أسبابها، وسوف تكون أسوأ ما يمكن بالنسبة للدول النامية. والأمر هنا يمكن تشبيهه بمتوالية من الأضرار تبتدئ بضغط حجم الإنفاق على الغذاء من الدخل الشهري لطبقة محدودي الدخل والطبقة المتوسطة في تلك الدول، فيدفعها هذا من جهة للسخط العام أو للخروج إلى الشوارع معبرة عن مطالبها للحكومات القائمة. وقد يؤدي هذا إلى وقوع اضطرابات وقلاقل سياسية، كما حدث في مصر واليمن وهاييتي وغيرها، ويدفعها من جهة أخرى لاستقطاع جزء إضافي من موازنتها الشهرية لتغطية نسبة التضخم الحادثة، وهذا بدوره سوف يترتب عليه أكثر من نتيجة. الأولى هي تآكل الطبقة المتوسطة وانتقال قطاعات كبيرة منها إلى فئة الفقراء ومحدودي الدخل، بسبب زيادة مستوى إنفاق هذه الطبقة على الغذاء من 50 أو 60% إلى 90% شهرياً، دون أن يترك لها هامش مادي معقول يكفيها لتغطية نفقات التعليم والصحة وبقية مستلزمات الحياة ومتطلبات التنمية الاجتماعية. بنفس المنطق سوف يتعين على طبقة محدودي الدخل، الانضمام للفئات الأخرى الأكثر فقراً والواقعة تحت خط الفقر، وهذا بسبب قضم أسعار الغذاء لكامل موازنة الأسرة الضعيفة أصلاً والمثقلة بأعباء كثيرة. النتيجة الثانية، هي تراجع مستوى الصحة العامة وتفشي أمراض سوء التغذية بسبب عدم قدرة الفئات المتأثرة بالأزمة على تنويع مصادر غذائها وشراء غذاء صحي وسليم. خصوصاً إذا ما وضعنا في الاعتبار ما يمكن أن تفضي إليه أجواء المجاعات وحالات شح الغذاء أو ارتفاع سعره، من تزايد احتمالات الغش التجاري للأغذية وانتشار نوعية رديئة وغير صحية من المأكولات والأطعمة، سواء كان هذا بغرض التربح من فئة جشعة من التجار أو بغرض النزول بسعر هذه المواد للحد الذي يناسب القدرة الشرائية لهذه الفئات. في أجواء المجاعات وشح الغذاء تتدنى أيضاً الأخلاقيات والعلاقات الاجتماعية نتيجة التصارع على الموارد الغذائية، وظهور طبقة جشعة من المتاجرين بأقوات ولقيمات الشعب. ومرة أخرى نستطيع هنا أن نذكر مصر نموذجاً لهذا، حيث استشرت فيها ظاهرة تهريب الدقيق المدعوم وتنوعت الوسائل في ذلك بداية من حفر أنفاق للتهريب إلى نقل أجولة الطحين بواسطة صناديق القمامة، كما زادت المشاحنات وحوادث الاقتتال اليومية في طوابير الخبز، مما أفضى إلى إزهاق أكثر من 20 روحاً، لم تكن تبغي سوى نيل رغيف خبز. ليس من المستبعد أيضاً في ظل أجواء المجاعات أن تتراجع حالة الأمن الاجتماعي بسبب تزايد ظاهرة السرقات العامة في الشوارع ونهب المقتنيات العامة والخاصة، كنتيجة مباشرة ومنطقية لانضمام عدد كبير من الجوعى والعاطلين عن العمل والتغذية، إلى طائفة اللصوص ومحترفي السرقة. وهذا بدوره يفرض عبئاً إضافياً على الأجهزة الأمنية في تلك الدول، وهي الملتهية أصلاً بالأمن السياسي، وبكبت كل الحريات والحركات المناهضة لسياسة الحاكم والجوقة المحيطة به. هذا على المستوى الفردي والمجتمعي. أما على المستوى الوطني، فتشمل تداعيات ارتفاع أسعار الغذاء عجز الميزان التجاري بخاصة في الدول النامية، وارتفاع نسبة التضخم، وتهديد استقرار الحكومات القائمة، وربما زوالها كما حدث في هاييتي. وعلى المستوى الدولي، تشمل تلك التداعيات إضعاف الجهود الدولية الرامية لمكافحة الفقر العالمي، وتراجع الأولويات بالنسبة لبقية القضايا العالمية الأخرى، علاوة على إمكانية اندلاع ما يسمي حروب الغذاء، بسبب زيادة التصارع على الموارد الزراعية والمائية. الحلول الناجزة ليس من المرجح انقضاء أزمة ارتفاع أسعار الغذاء العالمي خلال السنوات الثلاث القادمة، وهذا لأسباب لا يتسع المجال لذكرها هنا. لذا ينبغي العمل على إنهاء هذه المشكلة باتخاذ خطوات ناجزة وحلول طويلة المدى، وليس بالمسكنات والحلول الوقتية. كما ينبغي على المروجين لنظام العولمة أن يتحملوا مسؤوليات وتبعات هذا النظام، بتقديم يد العون للفقراء والجوعى في العالم، وبالمساعدة في ضبط آليات واقتصاد السوق بحيث لا تؤدي المضاربات إلى زيادات غير واقعية ومبالغ فيها في أسعار غذاء الإنسان. وقبل ذلك لابد من اتباع معايير أخلاقية ووضع ضوابط صارمة وواضحة تمنع استخدام الحبوب والمحاصيل الزراعية في صناعة الوقود الحيوي. بالتوازي مع هذا، ينبغي أيضاً العمل على تطوير التقنيات الزراعية الحالية، واستصلاح مزيد من الأراضي، والتوسع الرأسي والأفقي في إنتاج المحاصيل الزراعية الأساسية. وفي هذا الإطار ينبغي دعم وتشديد الجهود والمبادرات البحثية الهادفة لزيادة إنتاجية المحاصيل الغذائية. والواقع أن هناك آليات وأفكارا كثيرة يمكن أن تسهم في تحقيق هذا الهدف. استخدام المحاصيل المعدلة جينيا بحذر، رغم ما يحيط بهذا الأمر من جدل، قد يشكل أحد هذه الحلول، كما يمكن أن تساهم تقنيات الهندسة الوراثية الأخرى في استحداث نوعيات من البذور والمحاصيل المقاومة للجفاف والصقيع. الزراعة الملحية، وهي الزراعة التي تقوم على استخدام مياه البحر في زراعة بعض المحاصيل الزراعية، يمكن أن تمثل أيضاً أحد آفاق الحل. لذا فإن نجاح تجاربها، وإمكانية تطبيقها على نطاق واسع، يمكن أن يساهم في تحقيق طفرة حقيقية وهائلة في الإنتاج الزراعي العالمي، وفي حل كثير من مشاكل الدول الفقيرة، التي لا تجد موارد مائية كافية لاستصلاح وزراعة أراضيها. دعم المزارعين من خلال تخفيض الضرائب المفروضة، ومدهم بالسماد والتقاوي الجيدة والعالية الإنتاجية، يمكن أن يشكل أيضاً أحد سبل الحل، وهذا حسبما يعتقد جيفري ساكس الاقتصادي الأميركي الشهير الحائز على جائزة نوبل، في مقال حديث له نشرته مجلة "تايم". وبحسب ساكس فإنه يمكن التأسي بتجربة دولة مالي الأفريقية، التي كانت معرضة قبل سنوات للمجاعة، حيث تمكنت هذه الدولة الفقيرة من مضاعفة إنتاجها الزراعي خلال سنة واحدة عن طريق اتباع سياسات مماثلة. قد يكون من المفيد أيضاً إعادة النظر في السلوك الغذائي وأنماط الاستهلاك السائدة، لا سيما في منطقة الخليج وبقية الدول العربية، المتخمة بعادات غذائية مترفة للغاية، فهي الأحوج للأخذ بكل هذه السبل، نظراً لغموض مستقبل النفط فيها، وتشكل معظم خارطة المنطقة من صحارى ممتدة وفياف عصية على الاستزراع وإنتاج الغذاء. تحجيم أزمة الغذاء الحالية والقضاء عليها، لن يتأتى إذن إلا بمقاربة مثل هذه الحلول والسياسات. هذا وحده كفيل بحماية الأمن الغذائي من أي هزات مماثلة، وهو كفيل أيضاً بالقضاء على ثورات كثيرة للجياع في مهدها. أما ما دون ذلك فكفيل برسم خريطة جديدة لمواضع الإضرابات والاضطرابات في العالم، وكفيل بنشوب نزاعات وحروب إقليمية وربما عالمية بسبب الغذاء، اللهم اكفنا شر الحروب، وشر الجوع والمجاعات. " آثار ارتفاع أسعار الغذاء وشحه لم تعد مقتصرة على الشعوب الفقيرة في دول العالم النامي وما يسمى الدول الفاشلة، بل باتت تهدد أيضاً الأفراد والمجتمعات في الدول المتقدمة، وإن تباين بالطبع الوضع ودرجة التأثر في كلتا الحالتين " " من الأسباب الفاعلة في أزمة الغذاء ما يقال عن ارتفاع مستويات المعيشة ومعدلات النمو في الاقتصادات الناشئة، خاصة الصين والهند، وعن أثر هذا في ظهور طبقة من المقتدرين في كلتا الدولتين " " ليس من المستبعد في ظل أجواء المجاعات أن تتراجع حالة الأمن الاجتماعي بسبب تزايد ظاهرة السرقات العامة في الشوارع ونهب المقتنيات العامة والخاصة، كنتيجة مباشرة ومنطقية لانضمام عدد كبير من الجوعى والعاطلين عن العمل والتغذية، إلى طائفة اللصوص " " تحجيم أزمة الغذاء الحالية والقضاء عليها، لن يتأتى إلا بمقاربة مثل هذه الحلول والسياسات. فهذا وحده كفيل بحماية الأمن الغذائي من أي هزات مماثلة، وهو كفيل أيضاً بالقضاء على ثورات كثيرة للجياع في مهدها " المصدر: منتديات مدينة الاحلام k;fm Hlk hgy`hx hguhgld td .lk hgu,glm |
15 - 05 - 2008, 10:43 | رقم المشاركة : [2] | |||
| الله يعطيك العافيه ماتقصر اخي مشكووور تقبل مروري | |||
22 - 05 - 2008, 18:10 | رقم المشاركة : [3] | ||
| ثانكــس ع الموضوع . . ~ | ||
22 - 05 - 2008, 18:22 | رقم المشاركة : [4] | |||
| مشكور اخي الغالي على النقل الرائع ولا يحرمنا من جديدك | |||
27 - 11 - 2008, 19:14 | رقم المشاركة : [5] | ||
| شكرااااااااااااااااااااا على الموضوع انه جد مهم | ||
28 - 11 - 2008, 15:48 | رقم المشاركة : [6] | |||
| بالتوفيق اخوي | |||
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
Powered by vBulletin Version 3.8.7 Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd ترقية وتطوير: مجموعة الدعم العربى |