|
|
#1
| ||||||
| ||||||
قصة المرآه البيظاء ضجَّ الهاتف بالرنين لكنها لم تتحرك من فراشها، كانت كالمخدّرة تراقب السقف وكأنها تقرأ فيه لحظات ماضية ، تحت هذا السقف ،تشردت الأحلام .. تحت هذا السقف استبيحت كرامتها ، وكانت محاولاتها للحياة في حضن دافئ حميم تنتهي بموت آخر تتذكر مرارته . مرارة يتبّس فيها الحلق ،وتجفّ فيها الشفاه وتتكور لتتخذ شكلاً آخر لا ينبأ أبداً بابتسامة قادمة. .... عاود الهاتف الرنين، انتابها الفضول ،ونهضت لتنظر إلى الكاشف،وجدت رقم صديقة قديمة تعرف أنها كانت تنتظر أن يأتي هذا اليوم .؟ مرارة أخرى عرفت طريقها إلى صدرها ،تخيلت كيف ستسمعها المواعظ وكيف ستذكرها بواقعها الجديد ، والسجن الاجتماعي الذي عليها التزامه . وستميز بسرعة نبرة النشوة والانتصار عليها .. ........... بدأ يومها كالعادة مع صوت فيروز وفنجان قهوة ... .. كانت تستيقظ التعاسة بصدرها مع كل رشفة قهوة .. وحين كان صوت الأغنية يرتفع ..تلاشت فجأة طاقتها ، أحست بالفراغ ، وسألت نفسها:.هل أنا هشة فعلاً إلى هذا الحدّ.؟؟. ألم أنتظر طوال حياتي هذه الخاتمة ؟؟.. تشجعت قليلاً، وصارت تنهر نفسها ، هل قضيت عمرك بين الكتب وبين الأفكار وخسرت كل المكاسب كي لا تخسري موقفاً،وببساطة تتهاوى قامتك أمام حدث طالما استوعبتيه بمنطقية، وتوقعتيه في أي لحظة.. علا صوت التحدي بداخلها وحين شربت آخر شفة من فنجانها .. كانت قد استعادت عافية القوة .. ..... علت أصوات التلاميذ من مدرستها المجاورة،زعيق اختلط بضحكات وصراخ مرح ، لقد انتهت حصصهم ،وكل يركض مسرعاً إلى حضن ينتظره. لأول مرة تنبهت إلى ضحكاتهم ، إلى مرحهم، راقبتهم حتى آخر طفل ، ومن دون أن تدري كانت ترفع يدها طوال الوقت تودعهم وتدعو بوصولهم بسلامة . ضحكة طفلة مذهولة ترمقها باستغراب ،وهي تلوح بيدها أيقظتها ، فهرعت إلى المقعد وانفجرت بنوبة بكاء ..أطاحت بوصفاتها السرية . عاد بها الزمان إلى البحر في مدينة غريبة سكنتها ،لن تنسَ ذلك الغروب أبداً ، لن تنسَ ذلك المطرأبداً. كم ساعة مشت في ذلك اليوم لم تعد تتذكر ، كانت تبكي مع المطر . في ذلك اليوم ، كان موعدها مع الطبيبة ،وقد احضرت معها نتائج تحاليل طلبتها منها كانت تعرف أن وضعها تراجع وأنها يمكن أن تتأخر عدة أشهر بالحمل ،ولكن ملامح الطبيبة وهي تقرأ النتائج أنذرها بسوء الحال. تنحنحت الطبيبة وبصوت شبه هامس سألتها:" هل تؤمنين بالله" ؟؟ أجابت طبعاً ..! إذن اسمعيني جيداً، هل تري هذا الهاتف ؟؟ له أزرار وسماعة إنه كامل .لكن ما نفعه إذا لم يكن به خط لم يكن به حرارة عزيزتي جهازك مثله ، بالشكل هو كامل وطبيعي ولكنه لن ينبض بالحرارة أبداً، وأنصحك أن تبني حياتك منذ هذه اللحظة على أساس أنك لن تنجبي أبداً أبداً. لم تردّ من شدة الصدمة ، ومع ذلك أكملت الطبيبة بسادية ،اسمعيني ، جربي ماشئت وابحثي عن أشهر الأطباء ، فلن ينفعك أحد ، حاولي أن توفري نقودك وتقتنعي بنصيبك . لم تعد تتذكركيف خرجت من العيادة و كيف وجدت نفسها فجأة على شاطئ البحر تحت سماء ممطرة ، لم تصدق الكابوس أول لحظة. استعادت كلام الطبيبة آلاف المرات ، لكنها لم تستوعبه ،فكرت بالهرب من زوجها ، فكرت بالمشي ما استطاعت إلى أي مكان لا يهمّ تريد أن تبعد بقدميها عن تلك العيادة المشؤومة . .................. كان زوجها غارقاًً بالتلفاز ،حين فتحت الباب ، ارتمت بحضنه تصرخ وتدق صدره ، أنا لن أنجب أبداً..لن أصبح أماً.!. أنا عاقر عاقر.. وبدأت تضرب بطنها تستجديه أن يتحرك أن ينطق ويكذب الحقائق. نهرها زوجها ، وأمسك يديها ،هل جننت ،لن تنجبي .. لن تنجبي .. لست أول ولا آخر إمرأة لن تنجب. ارتمت بحضنه ورجته أن يطلقها ، فهي عديمة النفع ،تعاطف معها ،ثم ربّت على ظهرها،قائلاً اهدأي .. اهدأي .. أكيد يوجد حلّ وغداً نذهب إلى طبيب آخر. ارتاحت بكلماته ولفكرة أن طبيباً آخر ..سيكذب تلك الطبيبة. .... عاود الهاتف من جديد رنينه ، ذات الرقم ، ذات المرأة تستعجل الشماتة. فقررت أن ترتدي ثيابها ، وتذهب إلى البحر، إلى مدينة مجاورة ، حيث لا أحد يعرفها ولا يعرف قصتها. ........... كان صوت الحافلة يخدرها شيئاً فشيئاً، ثم غرقت بالنوم ،استيقظت عدة مرات ،على صوت الباب، يفتح بعنف ،لينزل أحد الركاب،ثم تعود لغفوتها، غفوة تحتاجها بعد سهر طويل ومرهق. ................. الطقسُ يميل للبرودة وقد خلا الشاطئ إلا من بعض عشاق صغار ،أحبوا هذا البرد وتمنوه ،كي لا يلمحهم أحد. كان البحر هائجاً ، وصوت الموج يغمر المكان ،صارت تغني ، استحضرت كل أغاني الحرمان،كل أغاني الوحدة والرحيل ،استحضرت صورها وهي مليئة بالأحلام، ولكن صورة واحدة ظلت تسيطر على كل الصور،صورة تلك الورقة التي أنهت وصفاً لحياتها ومنحتها وصفاً جديداً. تذكرت أنها قرأت الورقة أكثر من مرة ولم تصدقها كان بودها أن تقول لزوجها الكثير من الكلام .ولكن جفت الحروف ..وقد بدا لها أنه انتهى أوان الكلام.. وأن الفراق رغم صعوبته.. فهو أفرج عن ساحات خفية بداخلها نسيتها أوربما أغلقت عليها ،فهي استهانت بنفسها ،ورضيت باستلابها ولم تعرف أنها كانت تقدم نفسها رشوة مقابل الصمت، فجعتها هذه الحقيقة، أحست بعار يأكل كبريائها وفطنت إلى أنها لم تكن تتحدث بصوتها هي، كان صوت امرأة تقليدية خائفة ،وليس صوت الانسان الذي جاهدت طويلاً كي لا يتأذى داخلها. ......................... صوت الموج وتجدّد حركته أعطاها قوة وشجاعة كي تمشي صوب مكان يخفّ فيه الناس، ورويداً رويداً لم يبق سوى صوت الموج ،متحدياً كل لحظة صخور الشاطئ، من بعيد لاحت لها كتلة بيضاء،أثارها الفضول والتحدي لتقترب، وفوجئت بامرأة بيضاء وجهها هادئ بشكل غريب، وهي ترتدي لباساً ابيضاً، قطع استغرابها استغراب آخر،وصوت المرأة الحنون يقول لها: كنت أنتظرك . - تنتظريني وهل تعرفيني..؟؟!! - تأمليني جيداً ،وستعرفيني.. تأملتها ملياً، وهالها أنها تشبهها بشكل خيّل لها انها أمام المرآة.. وبلا وعي ارتمت فوق صدرها، وبدأت تبكي بصوت عالٍ، .والمرأة تحدثها بصوت هامس: انظري إليّ حبيبتي ،كم اشتقت إليك، أتعلمين أننا أول مرة نتعانق، أول مرة تقتربين مني،كم عذبّني فراقك ،كم عذبنّي أنك تلبسين أثواباً تخنقني. الم تسألي نفسك ،لم نسيت كل خصوبتي، ولم تحدقي إلا برحم فارغ، تجلدين نفسك وكل يوم تهدين زوجك قطعة مني حتى تغطي خواء رحمك. زاد نحيبها وهي تكتشف وجهها ووجعها ، تابعت المرأة: كم صفعتني أيادٍ وأنت تغفرين وتبررين بل وتقبّلين بعد قليل من صفعني.. كم مرة حجبتني وحين كنت أصرخ تغلقين فمي بقسوة ، آه يا حبيبتي ،ألم تعرفي،أنك أنت أنا ،وأنّ محاولتك اغتيالي المتكررة جعلتك بلا انتماء، بلا معنى. تعالي إلى صدري ،ولا تفارقيني مرة أخرى.. نظرت إلى وجهها بفرح جعل وجهها ينير لأول مرة. ثم صاحت بقوة، لن أفارقك أبداً، أنا اليوم اكتشفتك. ولن يدركني لا عقم ولا خيبة ولا حزن وانا أعانق ذاتي.. ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, صــــــديـــــــــقـــــــــكـــــــم عصير رومنسي المصدر: منتديات مدينة الاحلام rwm hglvNi hgfd/hx |
05 - 03 - 2008, 23:12 | رقم المشاركة : [2] | ||
| جزاك الله خير على الموضوع الرائع ودمتم سالمين | ||
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
Powered by vBulletin Version 3.8.7 Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd ترقية وتطوير: مجموعة الدعم العربى |