|
|
#1
| |||||||
| |||||||
تفسير سورة النصر بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة النصر منقول من تفسير في ظلال القرآن الكريم النصر من الاية 1 الى آخر السورة إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3) سورة النصر هذه السورة الصغيرة . . كما تحمل البشرى لرسول الله [ ص ] بنصر الله والفتح ودخول الناس في دين الله أفواجا ; وكما توجهه [ ص ] حين يتحقق نصر الله وفتحه واجتماع الناس على دينه إلى التوجه إلى ربه بالتسبيح والحمد والاستغفار . . كما تحمل إلى الرسول [ ص ] البشرى والتوجيه . . تكشف في الوقت ذاته عن طبيعة هذه العقيدة وحقيقة هذا المنهج , ومدى ما يريد أن يبلغ بالبشرية من الرفعة والكرامة والتجرد والخلوص , والانطلاق والتحرر . . هذه القمة السامقة الوضيئة , التي لم تبلغها البشرية قط إلا في ظل الإسلام . ولا يمكن أن تبلغها إلا وهي تلبي هذا الهدف العلوي الكريم . وقد وردت روايات عدة عن نزول هذه السورة نختار منها رواية إلامام أحمد:حدثنا محمد بن أبي عدي , عن داود , عن الشعبي , عن مسروق , قال:قالت عائشة:كان رسول الله [ ص ] يكثر في آخر أمره من قوله:" سبحان الله وبحمده , أستغفر الله وأتوب إليه " وقال:" إن ربي كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي , وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا ; فقد رأيتها " . . (إذا جاء نصر الله والفتح , ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا , فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا). . [ ورواه مسلم من طريق داود بن أبي هند بهذا النص ] . . وقال ابن كثير في التفسير:والمراد بالفتح ها هنا فتح مكة . قولا واحدا . فإن أحياء العرب كانت تتلوم [ أي تنتظر ] بإسلامها فتح مكة يقولون:إن ظهر على قومه فهو نبي , فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجا , فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانا , ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهرللإسلام ولله الحمد والمنة , وقد روى البخاري في صحيحه عن عمرو بن سلمة قال:لما كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إلى رسول الله [ ص ] وكانت الأحياء تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون:دعوه وقومه فإن ظهر عليهم فهو نبي . . . "الحديث" . . فهذه الرواية هي التي تتفق مع ظاهر النص في السورة: (إذا جاء نصر الله والفتح). . الخ فهي إشارة عند نزول السورة إلى أمر سيجيء بعد ذلك , مع توجيه النبي [ ص ] إلى ما يعمله عند تحقق هذه البشارة وظهور هذه العلامة . وهناك رواية أخرى عن ابن عباس ; لا يصعب التوفيق بينها وبين هذه الرواية التي اخترناها . قال البخاري:حدثنا موسى بن إسماعيل , حدثنا أبو عوانة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال:كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر , فكأن بعضهم وجد في نفسه , فقال:لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ? فقال عمر:إنه ممن قد علمتم . فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم . فما رأيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليريهم فقال:ما تقولون في قول الله عز وجل: (إذا جاء نصر الله والفتح)? فقال بعضهم:أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا . وسكت بعضهم فلم يقل شيئا . فقال لي:أكذلك تقول يا بن عباس ? "فقلت لا . فقال:ماتقول ? فقلت:هو أجل رسول الله [ ص ] أعلمه له . قال: (إذا جاء نصر الله والفتح)فذلك علامة أجلك(فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا). فقال عمر ابن الخطاب:لا أعلم منها إلا ما تقول [ تفرد به البخاري ] . فلا يمتنع أن يكون الرسول [ ص ] حين رأى علامة ربه أدرك أن واجبه في الأرض قد كمل , وأنه سيلقى ربه قريبا . فكان هذا معنى قول ابن عباس:هو أجل رسول الله [ ص ] أعلمه له . . الخ . . ولكن هناك حديث رواه الحافظ البيهقي - بإسناده - عن ابن عباس كذلك:قال:لما نزلت: (إذا جاء نصر الله والفتح). . دعا رسول الله [ ص ] فاطمة وقال:" إنه قد نعيت إلي نفسي " فبكت . ثم ضحكت . وقالت أخبرني:أنه نعيت إليه نفسه فبكيت , ثم قال:" اصبري فإنك أول أهلي لحوقا بي " فضحكت . ففي هذا الحديث تحديد لنزول السورة . فكأنها نزلت والعلامة حاضرة . أي أنه كان الفتح قد تم ودخول الناس أفواجا قد تحقق . فلما نزلت السورة مطابقة للعلامة علم رسول الله [ ص ] أنه أجله . . إلا أن السياق الأول أوثق وأكثر اتساقا مع ظاهر النص القرآني . وبخاصة أن حديث بكاء فاطمة وضحكها قد روي بصورة أخرى تتفق مع هذا الذي نرجحه . . عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت:" دعا رسول الله [ ص ] فاطمة عام الفتح فناجاها , فبكت , ثم ناجاها فضحكت . قالت:فلما توفي رسول الله [ ص ] سألتها عن بكائها وضحكها . قالت:أخبرني رسول الله [ ص ] أنه يموت , فبكيت , ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران . فضحكت . . " [ أخرجه الترمذي ] . فهذه الرواية تتفق مع ظاهر النص القرآني , ومع الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأخرجه مسلم في صحيحه . من أنه كانت هناك علامة بين الرسول [ ص ] وربه هي: (إذا جاء نصر الله والفتح . .)فلما كان الفتح عرف أن قد قرب لقاؤه لربه فناجى فاطمة رضي الله عنها بما روته عنها أم سلمة رضي الله عنها . ونخلص من هذا كله إلى المدلول الثابت والتوجيه الدائم الذي جاءت به هذه السورة الصغيرة . . فإلى أي مرتقى يشير هذا النص القصير: (إذا جاء نصر الله والفتح , ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا , فسبح بحمد ربك واستغفره , إنه كان توابا). . . في مطلع الآية الأولى من السورة إيحاء معين لإنشاء تصور خاص , عن حقيقة ما يجري في هذا الكون من أحداث , وما يقع في هذه الحياة من حوادث . وعن دور الرسول [ ص ] ودور المؤمنين في هذه الدعوة , وحدهم الذي ينتهون إليه في هذا الامر . . هذا الإيحاء يتمثل في قوله تعالى: (إذا جاء نصر الله . . .). . فهو نصر الله يجيء به الله:في الوقت الذي يقدره . في الصورة التي يريدها . للغاية التي يرسمها . وليس للنبي ولا لأصحابه من أمره شيء , وليس لهم في هذا النصر يد . وليس لإشخاصهم فيه كسب . وليس لذواتهم منه نصيب . وليس لنفوسهم منه حظ ! إنما هو أمر الله يحققه بهم أو بدونهم . وحسبهم منه أن يجريه الله على أيديهم , وأن يقيمهم عليه حراسا , ويجعلهم عليه أمناء . . هذا هو كل حظهم من النصر ومن الفتح ومن دخول الناس في دين الله أفواجا . . وبناء على هذا الإيحاء وما ينشئه من تصور خاص لحقيقة الأمر يتحدد شأن الرسول [ ص ] ومن معه بإزاء تكريم الله لهم , وإكرامهم بتحقيق نصره على أيديهم . إن شأنه - ومن معه - هو الإتجاه إلى الله بالتسبيح وبالحمد والاستغفار في لحظة الانتصار . التسبيح والحمد على ما أولاهم من منة بأن جعلهم أمناء على دعوته حراسا لدينه . وعلى ما أولى البشرية كلها من رحمة بنصره لدينه , وفتحه على رسوله ودخول الناس أفواجا في هذا الخير الفائض العميم , بعد العمى والضلال والخسران . والاستغفار لملابسات نفسية كثيرة دقيقة لطيفة المدخل:الاستغفار من الزهو الذي قد يساور القلب أو يتدسس إليه من سكرة النصر بعد طول الكفاح , وفرحة الظفر بعد طول العناء . وهو مدخل يصعب توقيه في القلب البشري . فمن هذا يكون الاستغفار . والاستغفار مما قد يكون ساور القلب أو تدسس إليه في فترة الكفاح الطويل والعناء القاسي , والشدة الطاغية والكرب الغامر . . من ضيق بالشدة , واستبطاء لوعد الله بالنصر , وزلزلة كالتي قال عنها في موضع آخر: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ? ألا إن نصر الله قريب) فمن هذا يكون الاستغفار . والاستغفار من التقصير في حمد الله وشكره . فجهد الإنسان , مهما كان , ضعيف محدود , وآلاء الله دائمة الفيض والهملان . . (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها). . فمن هذا التقصير يكون الاستغفار . . وهناك لطيفة أخرى للاستغفار لحظة الانتصار . . ففيه إيحاء للنفس واشعار في لحظة الزهو والفخر بأنها في موقف التقصير والعجز . فأولى أن تطامن من كبريائها . وتطلب العفو من ربها . وهذا يصد قوى الشعور بالزهو والغرور . . ثم إن ذلك الشعور بالنقص والعجز والتقصير والإتجاه إلى الله طلبا للعفو والسماحة والمغفرة يضمن كذلك عدم الطغيان على المقهورين المغلوبين . ليرقب المنتصر الله فيهم , فهو الذي سلطه عليهم , وهو العاجز القاصر المقصر . وإنها سلطة الله عليهم تحقيقا لأمر يريده هو . والنصر نصره , والفتح فتحه , والدين دينه , وإلى الله تصير الأمور . إنه الأفق الوضيء الكريم , الذي يهتف القرآن الكريم بالنفس البشرية لتتطلع إليه , وترقى في مدارجه , على حدائه النبيل البار . الأفق الذي يكبر فيه الإنسان لأنه يطامن من كبريائه , وترف فيه روحه طليقة لانها تعنو لله ! إنه الانطلاق من قيود الذات ليصبح البشر أرواحا من روح الله . ليس لها حظ في شيء إلا رضاه . ومع هذا الانطلاق جهاد لنصرة الخير وتحقيق الحق ; وعمل لعمارة الأرض وترقية الحياة ; وقيادة للبشرية قيادة رشيدة نظيفة معمرة , بانية عادلة خيرة , . . الإتجاه فيها إلى الله . وعبثا يحاول الإنسان الانطلاق والتحرر وهو مشدود إلى ذاته , مقيد برغباته , مثقل بشهواته . عبثا يحاول ما لم يتحرر من نفسه , ويتجرد في لحظة النصر والغنم من حظ نفسه ليذكر الله وحده . وهذا هو الأدب الذي اتسمت به النبوة دائما , يريد الله أن ترتفع البشرية إلى آفاقه , أو تتطلع إلى هذه الآفاق دائما . . كان هذا هو أدب يوسف - عليه السلام - في اللحظة التي تم له فيها كل شيء , وتحققت رؤياه: (ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا , وقال:يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا . وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي . إن ربي لطيف لما يشاء , إنه هو العليم الحكيم). . وفي هذه اللحظة نزع يوسف - عليه السلام - نفسه من الصفاء والعناق والفرحة والابتهاج ليتجه إلى ربه في تسبيح الشاكر الذاكر . كل دعوته وهو في أبهة السلطان وفي فرحة تحقيق الأحلام: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث , فاطر السماوات والأرض , أنت وليي في الدنيا والآخرة , توفني مسلما , وألحقني بالصالحين). . وهنا يتوارى الجاه والسلطان , وتتوارى فرحة اللقاء وتجمع الأهل ولمة الإخوان , ويبدو المشهد الأخير مشهد إنسان فرد يبتهل إلى ربه أن يحفظ له إسلامه حتى يتوفاه إليه , وأن يلحقه بالصالحين عنده . من فضله ومنه وكرمه . . وكان هذا هو أدب سليمان عليه السلام وقد رأى عرش ملكة سبأ حاضرا بين يديه قبل أن يرتد إليه طرفه: (فلما رآه مستقرا عنده قال:هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر , ومن شكر فإنما يشكر لنفسه , ومن كفر فإن ربي غني كريم). . وهذا كان أدب محمد [ ص ] في حياته كلها , وفي موقف النصر والفتح الذي جعله ربه علامة له . . انحنى لله شاكرا على ظهر دابته ودخل مكة في هذه الصورة . مكة التي آذته وأخرجته وحاربته ووقفت في طريق الدعوة تلك الوقفة العنيدة . . فلما أن جاءه نصر الله والفتح , نسي فرحة النصر وانحنى انحناءةالشكر , وسبح وحمد واستغفر كما لقنه ربه , وجعل يكثر من التسبيح والحمد والاستغفار كما وردت بذلك الآثار . وكانت هذه سنته في أصحابه من بعده , رضي الله عنهم أجمعين . وهكذا ارتفعت البشرية بالإيمان بالله , وهكذا أشرقت وشفت ورفرفت , وهكذا بلغت من العظمة والقوة والانطلاق . . المصدر: منتديات مدينة الاحلام jtsdv s,vm hgkwv |
23 - 07 - 2007, 00:29 | رقم المشاركة : [2] | |||
| جزاك الله اخي الف خييير وجعلها الله من ميزان حسناااتك ان شاء الله دائما تنقل لنا المفيد دمت بخير | |||
23 - 07 - 2007, 07:44 | رقم المشاركة : [3] | |||
| أخي البرق رفع الله قدرك في عليين 0 أختك نبض الحياة | |||
30 - 07 - 2007, 15:58 | رقم المشاركة : [4] | ||
| بارك الله فيك | ||
31 - 07 - 2007, 20:14 | رقم المشاركة : [5] | |||
| بارك الله فيك اخي البرق وكثر الله من امثالك ودمت في رعاية الرحمن | |||
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
Powered by vBulletin Version 3.8.7 Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd ترقية وتطوير: مجموعة الدعم العربى |