|
|
#1
| |||||||
| |||||||
سلسلة قصص ألف ليله وليله ( 111 - 115 ) ][®][^][®][ الليلة الحادية عشرة بعد المئة ][®][^][®] ************* قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الكفار لما رأوا لوقا بن شملوط وقع مقتولاً لطموا على وجوههم واستغاثوا ببطارقة الديور وقالوا: أين الصلبان وتزهد الرهبان? ثم اجتمعوا جميعاً عليه وأعملوا الصوارم والرماح وهجموا للحرب والكفاح والتقت العساكر بالعساكر وصارت الصدور تحت وقع الحوافر وتحكمت الرماح والصوارم وضعفت السواعد والمعاصم وكان الخيل خلقت بلا قوائم ولا زال منادي الحرب ينادي إلى أن كلت الأيادي وذهب النهار وأقبل الليل بالاعتكار وافترق الجيشان وصار كل شجاع كالسكران من شدة الضرب والطعان وقد امتلأت الأرض بالقتلى وعظمت الجراحات وصار لا يعرف الجريح ممن مات، ثم إن شركان اجتمع بأخيه ضوء المكان والحاجب والوزير دندان، فقال شركان لأخيه ضوء المكان والحاجب: إن الله قد فتح باباً لهلاك الكافرين والحمد لله رب العالمين. ************************* فقال ضوء المكان لأخيه: لم نزل نحمد الله لكشف الحرب عن العرب والعجم وسوف تتحدث الناس جيلاً بعد جيل بما صنعت باللعين لوقا محرف الإنجيل وأخذك الحربة من الهواء وضربك لعدو الله بين الورى ويبقى حديثك إلى آخر الزمان. ثم قال شركان: أيها الحاجب الكبير والمقدام الخطير فأجابه بالتلبية فقال له: خذ معك الوزير دندان وعشرين ألف فارس وسر بهم إلى ناحية البحر مقدار سبعة فراسخ وأسرعوا في السير حتى تكونوا قريباً من الساحل بحيث يبقى بينكم وبين القوم قدر فرسخين واختفوا في وهدأت الأرض حتى تسمعوا ضجة الكفار إذا طلعوا من المراكب وتسمعوا الصياح من كل جانب وقد عملت بيننا وبينهم القواضب، فإذا رأيتم عسكرنا تقهقروا إلى الوراء كأنهم منهزمون وجاءت الكفار زاحفة خلفهم من جميع الجهات حتى من جانب الساحل فكونا لهم بالمرصاد وإذا رأيت أنت علماً عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فارفع العلم الأخضر وصح قائلاً: الله أكبر واحمل عليهم من ورائهم واجتهد في أن لا يحول الكفار بين المنهزمين وبين البحر، فقال: السمع والطاعة واتفقوا على ذلك الأمر في تلك الساعة. ************************* ثم تجهزوا وساروا وقد أخذ الحاجب معه الوزير دندان وعشرين ألفاً كما أمر الملك شركان، فلما أصبح الصباح ركب القوم وهم مجردون الصفاح ومعتلون بالرماح وحاملون السلاح وانتشرت الخلائق في الربا والبطاح وصاحت القسوس وكشفت الرؤوس ورفعت الصلبان على قلوع المراكب وقصدوا الساحل من كل جانب وأنزلوا الخيل في البر وعزموا من الكر والفر ولمعت السيوف وتوجهت الجموع وبرقت شهب الرماح على الدروع ودارت طاحون المنايا على الرجال والفرسان وطارت الرؤوس عن الأبدان وخرست الألسن وتغشت الأعين وانفطرت المرائر وعملت البواتر وطارت الجماجم وقطعت المعاصم وخاضت الخيل في الدما وتقابضوا باللحى وصاحت عساكر الإسلام بالصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الأنام وبالثناء على الرحمن بما أولى من الإحسان وصاحت عساكر الكفر بالثناء على الصليب والزنار والعصير والعصار والقسوس والرهبان والشعانين والمطران وتأخر ضوء المكان هو وشركان إلى ورائهما وتقهقرت الجيوش وأظهروا الانهزام للأعداء وزحفت عليهم عساكر الكفر لولهم الهزيمة وتهيئوا للطعن والضرب فاستهل أهل الإسلام قراءة أول سورة البقرة وصارت القتلى تحت أرجل الخيل مندثرة وصار منادي الروم يقول: يا عبدة المسيح وذوي الدين الصحيح يا خدام الجاثليق قد لاح لكم التوفيق، إن عساكر الإسلام قد جنحوا إلى الفرار فلا تولوا عنهم الأدبار فمكنوا السيوف في أقفائهم ولا ترجعوا من ورائهم وإلا برئتم من المسيح بن مريم الذي في المهد تكلم. ***************************** وظن أفريدون ملك القسطنطينية أن عساكر الكفار منصورة ولم يعلم أن ذلك من تدبير المسلمين صورة فارسل إلى ملك الروم يبشره بالظفر ويقول له: ما نفعنا لا غائط البطريق الأكبر لما لاحت رائحته من اللحى والشوارب بين عباد الصليب حاضر وغائب وأقسم بالمعجزات النصرانية المريمية والمياه المعمودية، أني لا أترك على الأرض مجاهداً بالكلية وأني مصر على سوء هذه النية، وتوجه الرسول بهذا الخطاب ثم صاح على بعضهم قائلين: خذوا بثأر لوقا. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. *********************** وفي الليلة الثانية عشرة بعد المئة المصدر: منتديات مدينة الاحلام sgsgm rww Hgt gdgi ,gdgi ( 111 - 115 ) |
28 - 09 - 2008, 01:31 | رقم المشاركة : [2] | |||
| ][®][^][®][ الليلة الثانية عشرة بعد المئة ][®][^][®] ***************** قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الكفار صاحوا على بعضهم قائلين: خذوا بثأر لوقا، وصار ملك الروم ينادي بالأخذ بثأر إبريزة، فعند ذلك صاح الملك ضوء المكان وقال: يا عباد الملك الديان اضربوا أهل الكفر والطغيان ببيض الصفاح وسمر الرماح فرجع المسلمون على الكفار وأعملوا فيهم الصارم البتار وصار ينادي منادي المسلمين ويقول: عليكم بأعداء الدين يا محب النبي المختار هذا وقت إرضاء الكريم الغفار يا راجي النجاة في اليوم المخيف، إن الجنة تحت ظلال السيوف وإذا بشركان قد حمل ومن معه على الكفار وقطعوا عليهم طريق الفرار وجال بين الصفوف وطاف وإذا بفارس مليح الانعطاف وقد فتح بين عسكر الكفر ميداناً وجال في الكفرة حرباً وطعاناً وملأ الأرض رؤوساً وأبداناً وقد خافت الكفار من حربه ومالت أعناقهم لطعنه وضربه قد تقلد بسيفين لحظ وحسام واعتقل برمحين قناة وقوام بوفرة تغني عن وافر عدد العساكر كما قال فيه الشاعر: لا تحسن الوفرة إلا وهـي منشورة القرعين يوم النزال على فتى معتقل صـعـده يعلها من كل وافي السبـال ******************** فلما رآه شركان قال: أعيذك بالقرآن وآيات الرحمن من أنت أيها الفارس من الفرسان فلقد أرضيت بفعلك الملك الديان الذي لا يشغله شأن عن شأن حيث هزمت أهل الكفر والطغيان فناداه الفارس قائلاً: أنت الذي بالأمس عاهدتني فما أسرع ما نسيتني. ثم كشف اللثام عن وجهه حتى ظهر ما خفي من حسنه فإذا هو ضوء المكان ففرح به شركان إلا أنه خاف عليه من ازدحام الأقران وانطباق الشجعان وذلك لأمرين أحدهما صغر سنه وصيانته عن العين والثاني أن بقاءه للمملكة أعظم الجناحين، فقال له: يا ملك إنك لقد خاطرت بنفسك فالصق جوادك بجوادي فإني لا آمن عليك من الأعادي والمصلحة في أن لا تخرج من تلك العصائب لأجل أن ترمي الأعداء بسهمك الصائب، فقال ضوء المكان أني أردت أن أساويك في النزال ولا أبخل بنفسي بين يديك في القتال. *********************** ثم انطبقت عساكر الإسلام على الكفار وأحاطوا بهم من جميع الأقطار وجاهدوهم حق الجهاد وكسروا شوكة الكفر والعناد والفساد فتأسف الملك أفريدون لما رأى ما حل بالروم من الأمر المذموم وركنوا إلى الفرار يقصدون المراكب، وإذا بالعساكر قد خرجت عليهم من ساحل البحر وفي أوائلهم الوزير دندان مجندل الشجعان وضرب فيهم بالسيف والسنان وكذا بالأمير بهرام صاحب دوائر الشام وهو في عشرين ألف ضرغام وأحاطت بهم عساكر الإسلام من خلف ومن أمام ومالت فرقة من المسلمين على من كان في المراكب وأوقعوا فيهم المعاطب فرموا أنفسهم في البحر وقتلوا منهم جمعاً عظيماً يزيد على مائة ألف خنزير ولم ينج من أبطالهم صغير ولا كبير وأخذوا مراكبهم بما فيها من الأموال والذخائر والأثقال إلا عشرين مركباً، وغنم المسلمون في ذلك اليوم غنيمة ما غنم مثلها في سالف الزمان إذن بمثل هذا الحرب والطعان، ومن جملة ما غنموه خمسون ألفاً من الخيل غير من مزيد بما من الله عليهم من النصر والتأييد. ********************** هذا ما كان من أمرهم، وأما ما كان من أمر المنهزمين فإنهم وصلوا إلى القسطنطينية وكان الخبر قد وصل إلى أهاليها أولاً بأن الملك أفريدون هو الظافر بالمسلمين فقالت العجوز ذات الدواهي: أنا أعلم أن ولدي ملك الروم لا يكون من المنهزمين ولا يخاف من الجيوش الإسلامية ويرد أهل الأرض إلى ملة النصرانية، ثم إن العجوز كانت أمرت أفريدون أن يزين البلد فأظهروا السرور وشربوا الخمور وما علموا بالمقدور، فبينما هم في وسط الأفراح إذ نعق عليهم غراب الحزن والأتراح وأقبلت عليهم العشرون مركباً الهاربة وفيها ملك الروم فقابلهم أفريدون ملك القسطنطينية على الساحل وأخبروه بما جرى لهم من المسلمين فزاد بكاؤهم وعلا نحيبهم وانقلبت بشارات الخير بالغم والضير أخبروه أن لوقا بن شملوط حلت به النوائب وتمكن منه سهم المنية الصائب فقامت على الملك أفريدون القيامة وعلم أن اعوجاجهم ليس له استقامة وقامت بينهم المآتم وانحلت منهم العزائم وندبت النوادب وعلا النحيب والبكاء من كل جانب، ولما دخل ملك الروم أفريدون وأخبره بحقيقة الحال وأن هزيمة المسلمين كانت على وجه الخداع والمحال قال له: لا تنتظر أن يصل من العسكر إلا من وصل إليك، فلما سمع الملك أفريدون ذلك الكلام وقع مغشياً عليه وصار أنفه تحت قدميه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. ************************* وفي الليلة الثالثة عشرة بعد المئة | |||
28 - 09 - 2008, 01:36 | رقم المشاركة : [3] | |||
| ][®][^][®][ الليلة الثالثة عشرة بعد المئة ][®][^][®] ********************* قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك أفريدون لما أفاق من غشيته نفض خوف جراب معدته فشكا إلى العجوز ذات الدواهي وكانت تلك اللعينة كاهنة من الكهان متقنة للسحر والبهتان عامرة مكارة فاجرة غدارة ولها فم وشعر أشهب وظهر أحدب ولون حائل ومخاط سائل لكنها قرأت كتب الإسلام وسافرت إلى بيت الله الحرام كل ذلك لتطلع على الأدبار وتعرف آيات القرآن ومكثت في بيت المقدس سنتين لتحوز مكر النقلين. ************************* فهي آفة من الآفات وبلية من البليات فاسدة الاعتقاد ليست لدين تنقاد وكانت أكثر إقامتها عند ولدها حردوب ملك الروم لأجل الجواري الأبكار لأنها كانت تحب السحاق وإن تأخر عنها تكون في انمحاق وكل جارية أعجبتها تعلمها الحكمة وتسحق عليها الزعفران فيغشى عليها من فرط اللذة مدة من الزمان فمن طاوعتها أحسنت إليها ورعيت ولدها فيها ومن لا تطاوعها تتحايل على هلاكها وبسبب ذلك علمت مرجانة وريحانة وأترجة جواري إبريزة، وكانت الملكة إبريزة تكره العجوز وتكره أن ترقد معها لأن صنانها يخرج من تحت إبطيها ورائحة فسائها أنتن من الجيفة وجسدها أخشن من الليفة وكانت ترغب من يساحقها بالجواهر والتعليم وكانت إبريزة تبرأ منها إلى الحكيم العليم، ولله در القائل: يا من تسفل للغـنـي مـذلة وعلى الفقير لقد علا تياهـا ويزين شنعته بجمع دراهـم عطر القبيحة لا يبقى بفساها ***************************** ولنرجع إلى حديث مكرها ودواهي أمرها، ثم إنها سارت وسار معها عظماء النصارى وعساكرهم وتوجهوا إلى عسكر الإسلام وبعدها دخل الملك أفريدون على ملك الروم وقال له: أيها الملك ليس لنا حاجة بأمر البطريق الكبير ولا بدعائه بل نعمل برأي أمي ذات الدواهي وتنظر ما تعمل بخداعها غير المتناهي مع عسكر المسلمين فإنهم بقوتهم واصلون إلينا وعن قريب يكونون لدينا ويحيطون بنا. فلما سمع الملك أفريدون ذلك الكلام عظم في قلبه فكتب من وقته وساعته إلى سائر أقاليم النصارى يقول لهم: ينبغي أن لا يتخلف أحد من أهل الملة النصرانية والعصابة الصليبية خصوصاً أهل الحصون والقلاع بل يأتون إلينا جميعاً رجالاً ونساء وصبياناً، فإن عسكر المسلمين قد وطئوا أرضنا فالعجل العجل قبل حلول الوجل. هذا ما كان من أمر هؤلاء. ************************************** وأما ما كان من أمر العجوز ذات الدواهي فإنها طلعت خارج البلد مع أصحابها وألبستهم زي تجار المسلمين وكانت قد أخذت معها مائة بغل محملة من القماش الأنطاكي ما بين أطلس معدني وديباج ملكي وغير ذلك وأخذت من الملك أفريدون كتاباً مضمونه أن أهل هؤلاء التجار من أرض الشام وكانوا في ديارنا فلا ينبغي أن يتعرض لهم أحد بسوء عشراً أو غيره حتى يصلوا إلى بلادهم ومحل أمنهم لأن التجار بهم عمار البلاد وليسوا من أهل الحرب والفساد ثم إن الملعونة ذات الدواهي قالت لمن معها: إني أريد أن أدبر حيلة على هلاك المسلمين فقالوا لها: أيتها الملكة أؤمرينا بما شئت فنحن تحت طاعتك فلا أحبط المسيح عملك فلبست ثياباً من الصوف الأبيض الناعم وحكت جبينها حتى صار له وسم ودهنته بدهان دبرته حتى صار له ضوء عظيم، وكانت الملعونة نحيلة الجسم غايرة العينين فقيدت رجليها من فوق قدميها وسارت حتى وصلت إلى عسكر المسلمين ثم حلت القيد من رجليها وقد أثر القيد في ساقها ثم دهنتهما بدم الأخوين وأمرت من معها أن يضربوها ضرباً عنيفاً وأن يضعوها في صندوق فقالوا لها: كيف نضربك وأنت سيدتنا ذات الدواهي أم الملك الباهي? فقالت: لا لوم ولا تعنيف على من يأتي الكنيف ولأجل الضرورات تباح المحظورات، وبعد أن تضعوني في الصندوق خذوه في جملة الأموال واحملوه على البغال ومروا بذلك فوق عسكر الإسلام ولا تخشوا شيئاً من الملام وإن تعرض لكم أحد من المسلمين فسلموا له البغال وما عليها من الأموال وانصرفوا إلى ملكهم ضوء المكان واستغيثوا به وقولوا له نحن كنا في بلاد الكفر ولم يأخذوا منا شيئاً بل كتبوا لنا توقيعاً أنه لا يتعرض لنا أحد فكيف تأخذون أنتم أموالنا وهذا كتاب ملك الروم الذي مضمونه أن لا يتعرض لنا أحد بمكروه فإذا قال: وما الذي ربحتموه من بلاد الروم في تجارتكم? فقولوا له: ربحنا خلاص رجل زاهد وقد كان في سرداب تحت الأرض له فيه خمسة عشر عاماً وهو يستغيث فلا يغاث بل يعذبه الكفار ليلاً ونهاراً ولم يكن عندنا علم بذلك مع أننا أقمنا في القسطنطينية مدة من الزمان وبعنا بضائعنا واشترينا خلافها وجهزنا حالنا وعزمنا على الرحيل إلى بلادنا وبتنا تلك الليلة نتحدث في أمر السفر. ************************************** فلما أصبحنا رأينا صورة مصورة في الحائط فلما قربنا منها تأملناها فإذا هي تحركت وقالت: يا مسلمين هل فيكم من يعامل رب العالمين? فقلنا: وكيف ذلك فقالت تلك الصورة: إن الله أنطقني لكم ليقوي يقينكم ويلهمكم دينكم وتخرجوا من بلاد الكافرين وتقصدوا عسكر المسلمين فإن فيهم سيف الرحمن وبطل الزمان الملك شركان وهو الذي يفتح القسطيطينية ويهلك أهل الملة النصرانية، فإذا قطعتم سفر ثلاثة أيام تجدوا ديراً يعرف بدير مطروحنا وفيه صومعة فاقصدوا بصدق نيكم وتحيلوا على الوصول إليها بقوة عزيمتكم لأن فيها رجلاً عابداً من بيت المقدس اسمه عبد الله وهو من أدين الناس وله كرامات تزيح الشك والإلباس قد خدعه بعض الرهبان وسجنه في سرداب له فيه مدة مديدة من الزمان وفي إنقاذه وضارب العباد لأن فكاكه من أفضل الجهاد، ثم إن العجوز لما اتفقت مع من معها على هذا الكلام من تلك الصورة علمنا أن ذلك العابد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. ******************************************* وفي الليلة الرابعة عشرة بعد المئة | |||
28 - 09 - 2008, 01:39 | رقم المشاركة : [4] | |||
| ][®][^][®][ الليلة الرابعة عشرة بعد المئة ][®][^][®] ********************** قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن العجوز لما اتفقت مع من معها على الكلام قالت: فإذا ألقى إليكم الملك شركان سمعه فقولوا له، فلما سمعنا هذا الكلام من تلك الصورة علمنا أن ذلك العابد من أكابر الصالحين وعباد الله المخلصين فسافرنا مدة ثلاثة أيام ثم رأينا ذلك الدير فعرجنا عليه وملنا إليه وأقمنا هناك يوماً في البيع والشراء على عادة التجار، فلما ولى النهار وأقبل الليل بالاعتكار عصدنا تلك الصومعة التي فيها السرداب فسمعناه بعد تلاوة الآيات ينشد هذه الأبيات: كيداً أكـايده وصـدري ضـيق وجرى بقلبي بحرهم مغـرق إن لم يكن فرج فموت عاجـل إن الحمام من الرزايا أرفـق يا برق إن جئت الديار وأهلهـا وعلا عليك من البشائر رونق كيف السبيل إلى اللقاء وبينـنـا تلك الحروب وباب رهن مغلق بلغ أحبتنا السلام وقـل لـهـم إني بدير الروم قاص موثـق ************************* ثم قالت: إذا وصلتم بي إلى عسكر المسلمين وصرت أعرف أدبر حيلة في خديعتهم وقتلهم عن أخرهم، فلما سمع النصارى كلام العجوز قبلوا يديها ووضعوها في الصندوق بعد أن ضربوها أشد الضربات الموجعات تعظيماً لها لأنهن يرون طاعتها من الواجب ثم قصدوا بها عسكر المسلمين كما ذكرنا. هذا ما كان من أمر اللعينة ذات الدواهي ومن معها. وأما ما كان من أمر عسكر المسلمين فإنهم لما نصرهم الله على أعدائهم وغنموا ما كان في المراكب من الأموال والذخائر قعدوا يتحدثون مع بعضهم فقال ضوء المكان لأخيه: إن الله عز وجل قد نصرنا بسبب عذلنا وانقيادنا لبعضنا فكن يا شركان ممتثلاً أمري في طاعة الله، فقال شركان: حباً وكرامة ومد يده إلى أخيه وقال: إن جاءك ولد أعطيته ابنتي قضى فكان ففرح بذلك وصار يهنئ بعضهم بعضاً بالنصر على الأعداء وهنا الوزير دندان شركان وقال لهما: اعلما أيها الملكان أن الله عز وجل نصرنا حيث وهبنا أنفسنا وهجرنا الأهل والأوطان، والرأي عندي أن نرحل وراءهم ونحاصرهم ونقاتلهم لعل الله أن يبلغنا مرادنا ونستأصل أعداءنا وإن شئتم فانزلوا في هذه المراكب وسيروا في البحر ونحن نسير في البر ونصبر على القتال والطعن والنزال، ثم أن الوزير دندان ما زال يحرضهم على القتال وأنشد قول من قال: أطيب الطيبات قتل الأعادي واحتمال على ظهور الجياد ورسول يأتي بوعد حبـيب وحبيب يأتي بلا مـيعـاد وقال آخر: وإن عمرت جعلت الحرب والدة والمشرفي أخا والسمهري أبـا بكل أشعث يلقي الموت مبتسماً حتى كان له في قتـلـه إربـا ************************************ فلما فرغ الوزير دندان من شعره قال: سبحان من أيدنا بنصره العزيز وأظفرنا بغنيمة الفضة والإبريز، ثم أمر ضوء المكان العسكر بالرحيل فسافروا طالبين القسطنطينية وجدوا في سيرهم حتى أشرفوا على مرج فسيح وفيه كل شيء مليح ما بين وحوش تمرح وغزلان تسنح وكانوا قد قطعوا مغاور كثيرة وانقطع عنهم الماء ستة أيام، فلما أشرفوا على ذلك المرج نظروا تلك العيون النابعة والأثمار اليانعة وتلك الأرض كأنها جنة أخذت زخرفها وازّينت وسكرت أغصانها من رحيق الظل فتمايلت وجمعت بين عذوبة التنسيم فتدهش العقل والناظر كما قال الشاعر: *************************** انظر إلى الروض النضير كأنما نشرت عليه ملاءة خـضـراء إن ما سنحت بلحظ عينك لا ترى إلا غديراً جـال فـيه الـمـاء وترى بنفسك عـزة فـي دوحة إذ فوق رأسك حيث سرت لواء وما أحسن قول الآخر: النهر خد بـالـشـعـاع مـورد قد دب فيه عذار ظـل الـبـان والماء في سوق الغصون خلاخل من فضة والزهر كالتـيجـان فلما نظر ضوء المكان إلى ذلك المرج الذي التفت أشجاره وزهت أزهاره وترنمت أطياره نادى أخاه شركان وقال له: إن دمشق ما فيها مثل هذا المكان فلا نرحل منه إلا بعد ثلاثة أيام نأخذ راحة لأجل أن تنشط عساكر الإسلام وتقوي نفوسهم على لقاء الكفرة اللئام فأقاموا فيه. *********************** فبينما هم كذلك إذ سمعوا أصواتاً من بعيد فسأل عنهم ضوء المكان فقيل أنها قافلة تجار من بلاد الشام كانوا نازلين في هذا المكان للراحة ولعل العساكر صادفوهم وربما أخذوا شيئاً من بضائعهم التي معهم حيث كانوا في بلاد الكفار وبعد ساعة جاء التجار وهم صارخون يستغيثون بالملك، فلما رأى ضوء المكان ذلك أمر بإحضارهم فحضروا بين يديه وقالوا: أيها الملك إنا كنا في بلاد الكفار ولم ينهبوا منا شيئاً فكيف تنهب أموالنا أخواننا المسلمون ونحن أخبرناك بما حصل لنا? ثم أخرجوا له كتاب ملك القسطنطينية فأخذه شركان وقرأه ثم قال لهم: سوف نرد عليكم ما أخذ منكم ولكن كان من الواجب أن لا تحملوا تجارة إلى بلاد الكفار فقالوا: يا مولانا إن الله سيرنا إلى بلادهم لنظفر بما لم يظفر به أحد من الغزاة ولا أنتم في غزوتكم، فقال له شركان: وما الذي ظفرتم به? فقالوا: ما نذكر لك ذلك إلا في خلوة لن هذا الأمر إذا شاع بين الناس ربما اطلع عليه أحد فيكون ذلك سبباً لهلاكنا وهلاك كل من توجه إلى بلاد الروم من المسلمين، وكانوا قد خبئوا الصندوق الذي فيه اللعينة ذات الداوهي، فأخذهم ضوء المكان وأخوه واختليا بهم فشرحوا لهما حديث الزاهد وصاروا يبكون حتى أبكوهما. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. *************************** وفي الليلة الخامسة عشرة بعد المئة | |||
28 - 09 - 2008, 01:41 | رقم المشاركة : [5] | |||
| ][®][^][®][ الليلة الخامســة عشرة بعد المئة ][®][^][®] ********************* قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن النصارى الذين في هيئة التجار لما اختلى بهم ضوء المكان وأخوه شركان شرحوا لهما حديث الزاهد وبكوا حتى أبكوهما وأخبروهما كما أعلمتهم الكاهنة ذات الدواهي فرق قلب شركان للزاهد وأخذته الرأفة عليه وقامت به الحمية لله تعالى وقال لهم: هل خلصتم هذا الزاهد أم هو في الدير إلى الآن? فقالوا: بل خلصناه وقتلنا صاحب الدير من خوفنا على أنفسنا ثم أسرعنا في الهرب خوفاً من العطب، وقد أخبرنا بعض الثقات أن في هذا الدير قناطير من الذهب والفضة والجواهر. ********************** وبعد ذلك أتوا بالصندوق وأخرجوا منه تلك الملعونة كأنها قرن خيار شنبر من شدة السواد والنحول وهي مكبلة بتلك السلاسل والقيود، فلما نظرها ضوء المكان هو والحاضرون ظنوا أنها رجل من خيار العباد ومن أفضل الوهاد خصوصاً وجبينها يضيء من الدهان الذي دهنت به وجهها، فبكى ضوء المكان وأخوه شركان بكاء شديداً ثم قاموا إليها وقبلا يديها ورجليها وصارا ينتحبان، فأشارت إليهما وقالت: اعلما أني قد رضيت بما صنعه بي مولاي لأني أرى أن البلاء الذي حل بي لأجل أن أموت تحت حوافر خيل المجاهدين الذين هم بعد القتل أحياء غير أموات، ثم أنشدت هذه الأبيات: الحصن طور ونار الحرب موقـدة وأنت موسى وهذا الوقت ميقـات ألق العصا تتلقف كل ما صنـعـوا ولا تخف ما حبال القـوم حـيات فاقرأ سطور العدا يوم الوغى سورا فإن سيفك فـي الأعـنـاق آيات ************************** فلما فرغت العجوز من شعرها تناثرت من عينيها المدامع وجبينها بالدهان كالضوء اللامع فقام إليها شركان وقبل يدها وأحضر لها الطعام فامتنعت وقالت: إني لم أفطر من مدة خمسة عشر عاماً فكيف أفطر في هذه الساعة وقد جاد على المولى بالخلاص من أسر الكفار ودفع عني ما هو أشق من عذاب النار فأنا أصبر إلى الغروب. http://3arabstar.info/upload/uploads/9bf9f74821.gif فلما جاء وقت العشاء أقبل شركان هو وضوء المكان وقدما إليها الأكل وقالا لها: كل أيها الزاهد فقالت: ما هذا وقت الأكل وإنما هذا وقت عبادة الملك الديان. ثم انتصبت في المحراب تصلي إلى أن ذهب الليل ولم تزل على هذه الحالة ثلاثة أيام بلياليها هي لا تقعد إلا وقت التحية، فلما رآها ضوء المكان على تلك الحالة ملك قلبه حسن الاعتقاد فيها وقال لشركان: اضرب خيمة من الأديم لذلك العابد ووكل فراشاً بخدمته، وفي اليوم الرابع دعت بالطعام فقدموا لها من الألوان ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين فلم تأكل من ذلك كله إلا رغيفاً واحداً ثم نوت الصوم، ولما جاء الليل قامت إلى الصلاة فقال شركان لضوء المكان: أما هذا الرجل فقد زهد الدنيا غاية الزهد ولولا هذا الجهاد لكنت لازمته وأعبد الله بخدمته حتى ألقاه، وقد اشتهيت أن أدخل معه الخيمة وأتحدث معه ساعة، فقال له ضوء المكان: وأنا كذلك ولكن نحن في غد ذاهبون إلى غزو القسطنطينية ولم نجد لنا مثل هذه الساعة فقال الوزير دندان: وأنا الآخر اشتهي أن أرى ذلك الزاهد لعله يدعو لي بقضاء نحبي في الجهاد ولقاء ربي، فإني زهدت الدنيا. فلما جن الليل دخلوا على تلك الكاهنة ذات الدواهي في خيمتها فرأوها قائمة تصلي فدنوا منها وصاروا يبكون رحمة لها وهي لا تلتفت إليهم إلى أن انتصف الليل فسلمت من صلاتها ثم أقبلت عليهم وحيتهم وقالت لهم: لماذا جئتم? فقالوا لها: أيها العابد أما سمعت بكاءنا حولك? فقالت: إن الذي يقف بين يدي الله لا يكون له وجود في الكون حتى يسمع صوت أحد أو يراه، ثم قالوا: إننا نشتهي أن تحدثنا بسبب أسرك وتدعو لنا في هذه الليلة فإنها خير لنا من ملك القسطنطينية، ************************** فلما سمعت كلامهم قالت: والله لولا أنكم أمراء المسلمين ما أحدثكم بشيء من ذلك أبداً فإني لا أشكو إلا إلى الله وها أنا أخبركم بسبب أسري: اعلموا أنني كنت في القدس مع بعض الأبدال وأرباب الأحوال وكنت لا أتكبر عليهم لأن الله سبحانه وتعالى أنعم علي بالتواضع والزهد فاتفق أنني توجهت إلى البحر ليلة ومشيت على الماء فداخلني العجب من حيث لا أدري وقلت في نفسي: من مثلي يمشي على الماء فقسا قلبي من ذلك الوقت وابتلاني الله تعالى بحب السفر فسافرت إلى بلاد الروم وجلت في أقطارها سنة كاملة حتى لم أترك موضعاً إلا عبدت الله فيه، فلما وصلت إلى هذا المكان صعدت إلى هذا الجبل وفيه دير راهب يقال له مطروحنا، فلما رآني خرج إلي وقبل يدي ورجلي وقال: إني رأيتك منذ دخلت بلاد الروم وقد شوقني إلى بلاد الإسلام ثم أخذ بيدي وأدخلني في ذلك الدير ثم دخل بي إلى بيت مظلم فلما دخلت غافلني وأغلق الباب علي وتركني فيه أربعين يوماً من غير طعام ولا شراب وكان قصده بذلك قتلي صبراً، فاتفق في بعض الأيام أنه دخل ذلك الدير بطريق يقال له دقيانوس ومعه عشرة من الغلمان ومعه ابنة يقال لها تماثيل ولكنها في الحسن ليس لها مثيل. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. **************************************** كونوا مع الليلة السادسة عشرة بعد المئة | |||
29 - 09 - 2008, 03:05 | رقم المشاركة : [6] | |||
| جميل جدا في انتظار باقي الاجزاء | |||
07 - 10 - 2008, 07:08 | رقم المشاركة : [7] | ||
| كم اشتقت لروايتك اختي روح القمر ومشكوره اختي على الجهد الاكثر من رائع | ||
18 - 11 - 2008, 00:42 | رقم المشاركة : [8] | |||
| تسلم ونورت المنتدى بوجودك | |||
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سلسلة قصص ألف ليله وليله ( 71 - 75 ) | روح القمـــر | قسم القصص والرويات | 8 | 08 - 10 - 2009 23:07 |
سلسلة قصص ألف ليله وليله (46- 50 ) | روح القمـــر | قسم القصص والرويات | 6 | 06 - 04 - 2008 21:53 |
سلسلة قصص ألف ليله وليله (41-45) | روح القمـــر | قسم القصص والرويات | 5 | 01 - 04 - 2008 14:45 |
سلسلة قصص ألف ليله وليله ( 36-40) | روح القمـــر | قسم القصص والرويات | 5 | 30 - 03 - 2008 17:18 |
سلسلة قصص ألف ليله وليله (1-5) | روح القمـــر | قسم القصص والرويات | 5 | 10 - 03 - 2008 00:29 |
Powered by vBulletin Version 3.8.7 Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd ترقية وتطوير: مجموعة الدعم العربى |