منتديات مدينة الاحلام

فيس بوك مدينة الاحلام twitter RSS 

 
 

 

 

معجبو مدينة الاحلام علي الفيس بوك

  #1  
قديم 02 - 06 - 2007, 06:22
امير بكلمتي غير متصل
..:: زائر جديد ::..
 


امير بكلمتي is on a distinguished road
افتراضي رســاله احتراق











رســاله احتراق

رســاله احتراق

رســاله احتراق
لماذا رحلتِ؟ .. تمزقُ أظافرُ السؤال أحشائي .. وتوقد بداخلي جحيماً يقضم أعمدة صبرٍ مهترئة، بتّ أسند روحي عليها كي لا أسقط في هاوية سحيقة لا أجد نفسي بعدها
لماذا يجب أن يكون رحيلكِ أبدياً؟
أعرف الإجابة جيداً .. غير أن رحيلكِ يفقدني صلابتي .. فلا أملك بعدها غير أسئلةٍ أعجنها من هذا الجحيم المستعر بداخلي .. وأطلقها صرخاتٍ تخدش صمتَ هذا الليل البهيم
أطلقها كي لا أحترق بها .. كي لا يجتث صمت هذا الليل توهج روحي .. كي أفتش في جوف أسئلتي عن إجابة ينفذ منها بصيص نور ..لعلّ أملاً ما يولدُ من رحم السؤال
فأظل أسألني .. ويصفعُ وجهَ أسئلتي الصدى

.
.


على قدر الألم يكونُ الصراخ .. لا أعلم كم أحتاج من الكلمات لأفرغ كل ما بداخلي من ألم .. أنا هنا أطلق صراخي كتابةً وأنفث وجعي دخاناً .. أحترق في الغربة كما لم أحترق من قبل .. وأنتِ هناك في جزء آخر من العالم لا أعرف ما حالُك .. ووعود الفراق لا تترك لي وسيلةً للإطمئنان عليكِ .. قرار الفراق كان جازماً هذه المرة .. تتعثر به كل محاولة للعودة يفكر بها أحدنا .. أعلمُ أن بقائنا مستحيلٌ في ظلّ تلك الأقدار القاسية .. تلك الأقدار التي بترت أطراف قصتنا دون أن تترك لنا خيار إنهائها كما نحب .. كان الفراق خيارنا الوحيد .. غير أني بتّ أشكّ في مقدرتي على تحمّله رغم وعدي لكِ بأن أتماسك .. ورغم ادعائي أمامكِ بأني قادرٌ على الوقوف بدونكِ .. ها أنا أنهارُ كما لو أنني لم أذق وجعاً قط قبل هذا .. ولأول مرة مذ كنت طفلاً، أصبحتُ أعرف ما البكاء
.
.




كل الأشياء التي كانت تزرع البسمة بداخلي، كل الأشياء التي تذكرني بكِ، باتت تجلدني الآن .. قصائدي التي كتبتها فيكِ .. تلك التي كانت بعد رحيلكِ الأول، الذي وعدتِ بأن يكون الأخير .. وتلك التي كانت بعد أول "أحبكَ" زرعتِها بقلبي فأزهرت فيه ربيعاً .. وقصيدتي الأخيرة التي كان صوتكِ يتراقص في أذني حين قذف شيطان الشعر في ذهني فكرة كتابتها

أخبريني
يا فتاةً تقطفُ الكلماتِ من عنقودِ سكّرْ
أوما رأيتِ فراشةً جذلى تحطّ على الزهور
فاهتزت الأزهار سكرى في انتشاءٍ وحبور
ذاك صوتكِ
هزّ أوتارَ الرؤى فيني فأسْكَرْ

أخبرتكِ أني بدأت كتابة قصيدةٍ مضمخة بوصف صوتك وأنني بعد كل مكالمة سأكتب منها مقطعاً .. هكذا كنتُ أختلق الأعذار لتزيدي من مكالمتي متجاهلاً ارتفاع تكاليف المكالمات الدولية .. حين تبقت مكالمة واحدة لإكمال القصيدة، كانت تلك هي المكالمة الأخيرة التي تخبريني فيها بقرار الفراق .. وذبل الفرح في القصيدة .. وسكنت النبضات الراقصة في عروقها .. كنتُ أخطط لأن يكون المقطع الأخير مدوياً بالفرح .. أن يكون إيقاعه أكثر بهجةً وتراقصاً من كل المقاطع السابقة له .. وبعد مكالمتكِ الأخيرة، كيف يمكنني أن أكتب خاتمةً كهذه؟ كيف سيأتلف المقطع الأخير مع بقية أجزاء القصيدة الغارقة في سكر الانتشاء بصوتك؟ .. هاهي القصيدة تضطجع على أرصفة دفتري كمتشردٍ يائس .. كفرحةٍ مبتورة الأطراف .. ذبلت شفاهها حين تبقت خطوة واحدة نحو اكتمال البسمة

حين يأتي صوتكِ الرقراق همساً، أتبعثرْ
حين يأتي حاملاً دفئاً وشمساً، أتدثرْ
ث
كانت هذه هي بداية القصيدة .. والآن لا أملك أي رغبةٍ في إكمالها بالشكل الذي كنتُ أرغب به قبل قرار فراقك .. لهذا أضفتُ سطراً واحداً بعد رحيلك

ذلك الصوتُ الذي إن غاب دهراً، أتعثرْ


ثم مزقتها.
.
.



ها أنا أعود لأحضان الكآبة بعد أن كنتِ ذلك الخيط الذي يبقيني على اتصال بالشِعر والأغنيات والأشياء الجميلة في الحياة، كان وجودكِ قربي هو الشيء الوحيد الذي أنسى به طعنات القدر .. ذلك القدرُ الذي وهبني إياكِ ذات صدفة ثم انتزعكِ مني دون أن يترك لي ما أستند عليه بعدك .. أدركتُ أن القدر لا يمكن أن يكون كريماً حد أن يهبني إياكِ للأبد .. هو لا يمنحنا الأشياء الجميلة إلا لنكتوي بها بعد أن ينتزعها منا
حين وهبني القدر حبكِ، ظننتُ أنه ابتسم لي أخيراً .. جاء حبكِ لينسيني اكتئابي وغربتي ووحدتي وكل ما كان يسحقني ويقضم روحي .. وهبني الشعرَ والفرح وكلَّ جميل .. صرتُ حيّاً للمرة الأولى منذ أربعة أعوام .. كنتُ غارقاً في الفرح حتى أخمص قدمي .. جعلني القدر أتورط بحبكِ حتى أقصى نقطةٍ ممكنة .. ثم انتزعك مني .. ليترك القصائد التي كتبتها فيك ورسائلنا وذكرياتنا أسواطاً تجلدني بعدك .. ويعيدُ إلي كل وجعٍ ترك أثره على جدران ذاكرتي

.
.
وبعد فترةٍ قصيرة سيمنحكِ القدر رجلاً آخر غيري لتقترني به ..وأنا الذي وهبتكِ قصائدي وخمس سنواتٍ من عمري ومنعتكِ من الإنتحار حين شارفتِ عليه ذات بؤس وعلمتكِ معنى النبض والغناء وزرعتُ الحبّ في قلبكِ الذي لم يعرف عشقاً قبلي ونزعتُ من صدركِ بغضكِ للرجال وسقيتكِ من جمال الحياة مالم تعرفيه وتوّجتكِ ملكةَ في أحضان قلبي ..
ها أنا أحترقُ ببُعدي عنكِ وباستحالة حصولي عليكِ .. بينما رجلٌ آخر سينالُ منكِ كل شيء وستقضين سنيّ عمرك المتبقية معه
هل أرتكبُ جرماً حين أمقت أقداري؟

.
.



كان هذا ما كتبته حين عدتِ إلي في المرة الماضية


إقتباس:
وتعودين كدائماً .. ككل مرة نفترق، ككل مرة نبرم العهود والمواثيق ونقسم على أن نقطع كل وسيلة للعودة
كما يعود الطير لموطنه الأصلي بعد موسم هجرة .. وكما يعود المجرم لساحة جريمته، نعود مرة أخرى
كأن كل محاولاتنا للفراق ليست إلا كذبة سرعان مايتضح لنا زيفها .. أو هدنةً مؤقتة سرعان مايتضح لنا عدم قابليتها للتطبيق
وكأن كل فترة نمارس فيها الغياب ليست إلا استراحة محارب نعود بعدها بلهفةٍ أعمق وبأيدٍ مشرعة للحب بشكل أكبر
ثلاث محاولات فراق فشلت من قبل .. وكأني بكِ تقولين: مالذي يضيرنا إن أفشلنا محاولةً رابعة، وعدنا؟
ها أنتِ أفشلتِ الرابعة .. وها أنا أفتح ذراعاي لعودتك ككل مرة ننقض فيها قرار الرحيل
وبعد كل عودة يرن بذهني هذا السؤال: إذا لم نفترق الآن، فمتى نفترق؟ في المحاولة الخامسة؟ العاشرة؟ المائة؟ الألف؟
مالذي سيكون مختلفاً في محاولاتنا القادمة حتى نظن أنها ستنجح في حين فشلت هذه المحاولات الأربع؟
كل محاولاتنا لإخماد هذا الحب ليست إلا وسيلة أخرى لإشعاله أكثر .. فلماذا لا نتوقف عن إدعائنا الأحمق بقدرتنا على الفراق؟
لماذا نستهلك كل ذلك الجهد والألم عند كل محاولة فراق إذا كنا سنعود في النهاية وقد زدنا من صعوبة محاولة الفراق القادمة؟
أسئلة كثيرة تعصف بذهني تخت وطأة هذه الحال المتعبة
ولا جواب إلا أننا ولدنا في زمن خطأ أو مكان خطأ يستحيل فيه بقائنا معاً .. ونحن أضعف من هذا الحب الذي يفوق قدرتنا على الفراق
وتبقى قراراتنا هكذا معلقة على جدران الزمن مابين الـ نعم والـ لا
ونبقى نحن متأرجحين مابين الغياب والحضور .. مابين الفراق المستحيل والبقاء الأكثر استحالة .. حتى زمنٍ مؤجل

.
.




والآن افترقنا للمرة الأخيرة بعد تلك العودة .. كان فراقنا مختلفاً هذه المرة .. هل ستعودين؟


لا تعودي
هذه المرةَ رفقاً
بإحتراقي لا تعودي
هذه الأقدار ألقتنا لحبٍّ مستحيلْ
لم تعد ترضى قراراً
غيرَ إعلان الرحيلْ
غير تمزيق الوعودِ
لا تزيديني جراحاتٍ بصدري
لا تزيدي
كلما ناديتِ بالهجرانِ تكوي الصدرَ طعنةْ
خمس مراتٍ رحلتِ
ثم عدتِ مثل لعنةْ
خمس طعناتٍ تمزق أضلعي
تكوي وريدي
لا تعودي
لم يعد في الصدر ما يكفي لتمزيقٍ جديدِ

.
.


وعدتُ نفسي أن لا أكتب عنكِ إلا ليلةً واحدة بعد رحيلك .. اليوم أنقض هذا الوعد دون اختيار مني .. فلا زال في القلب ما لا يمكن التخلص منه إلا بكتابةٍ تنسكب على هيئة نزفٍ أو صراخ .. لهذا قررتُ أن أكتب عن كل شيء وبأي شكل ممكن دون تنقيح أو زخرفة أو جمل مواربة .. سأسرد وجعي كما أشاء غير عابئ بجماليات الكتابة وقواعدها .. فالوجع الذي يتمدد دون أن تؤطره حدود ويتمرد على كل منطقٍ ومسكناتِ صبر يجب أن ينسكب بكتابةٍ توازي تمدده وتمرده .. لهذا سأكتب وأكتب حتى تتقرح أصابعي أو يحدودب ظهر القلم ..وحين أنتهي من سكب مابداخلي من نزيف، سأغادر أرصفة هذه الكتابات غير آبهٍ بالدماء التي تركتها تسيل على ضفافها .. ولن ألتفت لها مرة أخرى إلا حين تخثر

.
.

كانت مكالمتنا الأخيرة مغلفةً بفرحٍ أجوف .. فرحٍ لا يحمل إلا رنين ضحكاتنا التي يفضح صداها مدى الوحشة التي تغمر باطنها
أردتِها أنتِ أن تكون أكثر بهجةً من كل مكالماتنا السابقة .. حتى نبتسم دائماً حين يمخر قارب الفراق عباب الذاكرة .. لكن محاولاتكِ لإختلاق الفرح في تلك المكالمة بائت بالفشل في معظمها .. كنتِ تذكريني بالدعاباتِ التي اعتدنا على ترديدها وتضحكين كثيراً .. وأضحك أنا .. ثم نصمت .. تأتي الضحكة مدويةً وحيويةً في بدايتها .. وسرعان ما يكسوها الثلج ويتسلل إليها البرد في أطرافها الأخيرة .. حتى "أحبكَ"، التي يبدو أنكِ تدربتِ عليها كثيراً قبل أن تقوليها للمرة الأخيرة، خانتكِ هذه المرة .. كان صوتكِ يغمره البهجة حين بدأتِ بنطقها .. وسرعان ما تهدّج واختنق في الطريق إلى حرف الكاف قبل أن تتمكني من إنهاء الكلمة بذات الحماس التي بدأتيها به .. غير أن عفويتكِ أنقذتْ المكالمة قبل أن تنتهي بطريقةٍ مأساوية .. هكذا أنتِ دائماً فاشلةُ حين تتصنعين وساحرة ومبهجة حين تنسابين بعفوية فاتنة .. تلك العفوية المتفردة التي تجعل إمكانية إيجاد بديلة لكِ أمراً مستحيلاً .. وهذا ما يخنقني



.
.

بعد انتهاء تلك المكالمة، هرعت مسرعاً لكتابة كل ماقلناه فيها قبل أن تغيب تفاصيلها عن ذاكرتي .. كتبتُ ثلاث صفحاتٍ تحوي تفاصيل مكالمةٍ لم تتجاوز ربع ساعة، خمس دقائق متقطعةٍ منها لم تحوِ إلا الصمت .. كتبت كل شيء، حتى الصمت .. كل كلمة لم تغب عن ذاكرتي، كل ضحكة، كل تهدج، حتى ابتساماتكِ وتنهيداتك واحتراقاتك التي لم أسمعها بل شعرتُ بأثرها على صوتكِ في بعض جملك، كلها كتبتها .. كتبتُ تفاصيل مركّزة للحظات التي كان إيقاع الكلام فيها مختلفاً .. (أ) قلتيها بإيقاع عالٍ بعض الشيء، ثم (ح) انخفض إيقاع صوتكِ قليلاً عندها وصاحبتها بحّة هامسة امتدت إلى (ب) ثم عاد الإيقاع إلى الإرتفاع حين بلغتِ نهايتها مع تكة خفيفة صاحبت (ك) وتردد صداها في أذني .. هكذا قلتيها ولا أذكر أنا كيف رددتُ عليكِ .. فكل ما كان يهمني هو حفظ أدق تفاصيلكِ قبل رحيلها عني للأبد .. قبل نهاية المكالمة قمنا بتبادل سيناريو معين لثلاث مرات: "أحبك" ثم دعوة صادقة ثم صمت .. لم يجرأ أحد منا على إعلان موعد انتهاء المكالمة ولم نملك القدرة حينها على اختراع سيناريو آخر قبل موعد انتهائها .. لهذا أخذنا نردد عباراتٍ ودعواتٍ معينة .. لا أذكر ما حدث بعدها .. كل شيءٍ كان ضبابياً ومشوشاً .. ربما نطقنا بكلمات وداعٍ معتادة .. وربما كنا نعلم أن المكالمة ستطول كثيراً قبل أن ننطق بكلمات الوداع فأنهينا المكالمة فجأةً بعد صمت .. وربما صرختُ بكِ أن تنهي المكالمة لأني لم أملك الجرأة لأفعلها بنفسي .. وربما .. لا أذكر .. لم أكن بكامل وعيي حينها.


.
.



لـ محمود درويش

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرةْ
وُجدنا غريبين يوماً
وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً... ونجما
وكنت أؤلف فقرة حبٍ
لعينيكِ غنيتها

أتعلمُ عيناكِ أني انتظرت طويلاً
كما انتظرَ الصيفَ طائرْ
ونمتُ... كنوم المهاجرْ
فعينٌ تنام، لتصحوَ عين... طويلا

صديقان نحن، فسيري بقربيَ كفاً بكف
فمعاً، نصنع الخبز والأغنيات

حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر
أُحبكِ حُبَّ القوافل واحةَ عشب وماء
وحب الفقير الرغيف
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوماً
ونبقى رفيقين دوماً

أهديتكِ إياها يوماً ذات غفلة من القدر .. انتقيتها بعناية من بين جميع قصائد محمود التي أحبها
لو كنتُ أعلم أن خاتمتنا ستكون هكذا، لربما شطبتُ آخر كلمةٍ في القصيدة قبل أن أٌقرأكِ إياها
لا لوجود لكلمة "دوماً" في قاموس قصتنا إلا حين تقترن بالفراق



.
.



أُحِبُّ امرأةً عادية.
أحب أمرأةً لا تملك جمال أفروديت ولا سحر نساء الأساطير والأفلام والروايات .. وتشعر أحياناً أنها قبيحة المنظر.
أحب امرأةً تمقت تَغَنّي الأنثى بأنوثتها .. ولا تحب اللون الوردي وتتعثر كثيراً إذا ارتدت تنورة أو حذاءاً بكعب.
أحب امرأةً اسمها يشبه أسماء جداتنا ولا يحمل موسيقى الأسماء الحديثة الرنانة التي تبدو كأسماء نساء عصريات رقيقات.
أحب امرأةً لا تملك صوتاً رقيقاً ناعماً .. حد أن البعض يظنها ذكراً إذا تحدثت إليهم عبر الهاتف.
أحب امرأةً لا تجيد التعبير عن مشاعرها .. وتخجل كثيراً حد أن عدد المرات التي تقول لي فيها (أكرهك) أكثر من عدد مرات (أحبك)
أحب امرأةً تخاف كثيراً .. وتقلق كثيراً .. وتكتئب كثيراً .. وتظطرب كثيراً.
أحب امرأةً شارفت على الإنتحار بابتلاعها كمية كبيرة من الحبوب .. وفشلتْ.
أحب امرأةً ليست عادية أبداً .. ولهذا تركت في روحي بعد رحيلها أثراً لا يمكن أن تكون حياتي عادية بعده.



.
.


أحبها لأنها عادية حتى التفرد .. ومتفردة حد أن تكون قادرة على صناعة الدهشة دائماً .. حقيقية حد الخيال .. وطبيعية حد أن تكون أبعد ما يمكن عن الزيف والتصنع
لأنها لا تتقن إلا أن تكون كما هي بكل ميزاتها وعيوبها .. بكل أخطائها وحماقاتها وعفويتها .. بكل الظلمة القابعة بداخلها وبكل النور المتوهج من روحها الشفافة
ولهذا هي فاتنة في كل ماتقوم به .. في كل حركاتها وسكناتها .. في أدق تفاصيلها وكل انفعالاتها .. لأنها بطبيعتها هذه تخالف كل مواصفات المرأة المثالية التي كانت تسكن في أحلامي وتخيلاتي .. تنصب نفسها محلها لتكون هي المرأة الحلم .. القريبة حد أن تشعر بوجودها حولك .. والبعيدة حد أن لا يمكن أن تنالها

.
.
كيف يمكن لي أن أقترف الشعر بعدكِ وأنتِ المرأة التي خلقت بداخلي ينابيع الإلهام وآفاق الرؤى؟ .. كل محاولاتي لكتابات الشعر بعدكِ باتت رديئة .. حاولتُ أن أبكيكِ شعراً بعد فراقكِ هذا فبكتني قصائدي القديمة التي كتبتها فيكِ وانغرست في ساعدي نصلاً يحول بيني وبين الشعر
قصيدتي الأولى كتبتها بعد رحيلكِ الأول .. كنتُ أكثر عناداً من أن أعترف بأن امرأةً تمكنت من قلبي .. وأقل جرأةً من أن أعترف بحبي لك:

لمَ تطلب بفراقي إذني ؟
أتظن فراقكَ يزعجني ؟
أنا لست أحبك لكنّي
لا أعرف ما علّة حزني
مذ أن فارقتك لم أضحك
ما حلّ النوم على جفني
وبلابل قلبي ماعادت
تنبض أفراحاً وتغنّي
أنا لست أحبك لكنّي
لا أعلم مازلزل أمني
أصداء غيابك تفتك بي
أخبرني مابي أخبرني
.
.
سأمزق دفتر أشعاري
وسأرمي الأقلام بعيداً
فقصيدي إن لم تقرأه
عيناك فما عاد قصيداً
وسأغلق صندوق بريدي
ولماذا أحتاج بريداً ؟
صندوق بريدي مهجورٌ
فبدونكَ أصبحت وحيداً
وغروري أصبح منكسراً
وعنادي ؟ .. ماعدت عنيداً
لكن لا تأبه لكلامي
فكلامي ماعاد مفيداً
إن كنتَ سعيداً من دوني
ففراقك قد أصبح عيداً
سأردد رغم لظى حزني
أنا أسعد إن كنتَ سعيداً

فكانت عودتكِ الأولى بعد الفراق الأول بسبب هذه القصيدة .. أما هذا الفراق فلم أكتب سوى بضعة أسطر شعر تخبركِ أن لا تعودي
إن عدتِ يوماً ما فلن يسمح لنا القدر بأن نستمر .. سنتفرق مرة أخرى .. ولم يعد في الصدر موضعٌ يحتمل طعنة فراق سادس


.
.


بعد رحيلكِ الرابع، السابق لهذا، كتبتُ أني بكيتُ للمرة الأولى .. الآن عرفتُ أن تلك الدمعة التي سقطت من عيني اليمنى في المرة الماضية لم تكن بكاءاً ..
كثيراً ما كنتُ أرغب في معرفة ماهية البكاء .. أنا عصيّ الدمع الذي لم يعرف يوماً ما شكل البكاء وما أعراضه ..وأنا الذي غبتُ عامين في غيبوبة الاكتئاب، مرضُ البكاء الذي لم يستطع انتزاع دمعة من عيني .. جاء رحيلكِ هذا ليغرقني في دوامة نشيجٍ أجهل ماهيتها ولا أعرف لها اسماً .. مجاري الدمع الجافة في عيني لم تسمح إلا بدمعاتٍ معدودة، غير أن النشيج كان حاداً حد أن اهتز معه كل موضع في جسدي .. ذلك ما لم أستطع تعريفه بكلمةٍ أخرى غير البكاء
وسخر مني القدر ،كما يفعل دائماً، حين منحني الدمع والنشيج في
المرة الوحيدة التي لم أرغب بأن يداهمني البكاء عندها



.
.


رحيلكِ الآن زلزل شيئاً ما في أعماقي .. الآن عرفتُ أني كنت أقف على شفا حفرة، جاء فراقك ليجعلني أتهاوى فيها دون أن أجد ما أتشبث به أو ما يخفف حدة الإرتطام في قاعها .. كان حبكِ أفيوناًَ أعماني عن النظر إلى الجراح التي تنتظر وجعاً كفراقك لينكأها .. كنتُ أعيش على فوهة بركان خامدٍ من الأوجاع جاء خبر فراقك ليوقظه ويفجّر حممه وينبعث كل ما كان مدفوناً ويطفو على سطح الذاكرة .. وها هو وجع فراقك الآن يتمدد في صدري كبقعة زيت .. فتتسع الفجوة في قلبي ولا أجد ما يسد الثقوب التي خلّفها فيّ

بعد رحيلكِ الأول اكتفيت بكتابة قصيدة .. وبعدها صار الأثر الذي تتركينه في صدري يتسع بعد كل رحيل وتزداد ثقوب قلبي .. في الرحيل الرابع سقطت دمعة .. وها أنا في الرحيل الخامس أحتضر وأحترق .. أتخيل لو أنكِ عدتِ الآن ثم افترقنا فراقاً سادساً .. إذا كان الرحيل الخامس جحيماً لا يطاق، فأي جحيمٍ يمكن أن يكون السادس؟ .. مجرد تخيل الأمر يصيبني بالرعب والإحتراق .. كما يرتعب المحكوم عليه بالإعدام ويشعر بألم الموت قبل أن يوضع على المقصلة .. وهاجس عودتكِ ثم رحيلكِ للمرة السادسة هو هذه المقصلة التي يقشعر بدني خوفاً منها .. فلا تعودي، كي لا تحكمي عليّ بالإعدام

.
.

استمعتُ اليوم إلى "أنا وليلى" بعد أن ذكرني بها صديق .. وليته لم يفعل .. لم يكن يعلم أنه ارتكب بقلبي جرماً هذا الصديق عندما ذكرني بها .. لا يعلم أن تلك الأغنية ستكون سيفاً يشج قلبي، ورصاصةً تنثره إلى أجزاء عديدة فلا يكون القلب صالحاً للنبض بعدها .. هذه الأغنية التي طالما استمعت إليها وتراقص قلبي طرباً وحزناً معها، كانت مختلفة جداً هذه المرة .. ضاربةً في عمق المأساة .. مغموسةَ في يراع المأساة .. كأنما قُدّت من جحيم .. وآهات كاظم، هذا العراقي الذي يجترّ في صوته سعير دجلة والفرات وكل أحزان العراق واحتراقات العراق ثم يطلق آهاته ألسنة لهبٍ تحرق صدورنا وتحيلنا رماداً ..
لم تكن إلا أغنية .. غير أن رحيلكِ عجنها وأعاد تكوينها وغيّر كل نوتةٍ فيها وكل بيت شعر وكل آهة .. ليصيّرها أعاصير وزلازل وبراكين وفيضانات .. بدأتُ أظن بعدها أني مدفونٌ بقبرٍ ما، وكل أثقال الأرض تجثو فوق صدري المتعب


.
.


ماتت بمحرابِ عينيكِ ابتهالاتي ... واستسلمتْ لرياح اليأسِ راياتي
جفّتْ على بابكِ الموصود أزمنتي ... ليلى، وما أثمرتْ شيئاً ندائاتي

وأنا أجفّ، وأجفّ على عتبات هذا الليل
ولا جواب لندائاتٍ أطلقها فتتلاشى في جوف الوحشة

أعتّق الحب في قلبي وأعصره ... فأرشفُ الهمّ في مغبرّ كاساتِ
لو تعصرين سنينَ العمر أكملها ... لسالَ منها نزيفٌ من جراحاتي

ويمتصّ الهم أحشائي ويتركني خاوياً إلا من جمرٍ يكويني ويستعر في جوانبي التي ترك الزمن آثاره عليها نزيفاً وجراحات

عانيتُ عانيتُ، لا حزني أبوحُ بهِ ... ولستِ تدرين شيئاً عن معاناتي
أمشي وأضحكُ يا ليلى مكابرةً ... علّي أخبّي عن الناس احتضاراتي
لا الناسُ تعرفُ ما أمري فتعذرني ... ولا سبيلَ لديهم في مواساتي
يرسو بجفنيّ حرمانٌ يمصّ دمي ... ويستبيحُ إذا شاء ابتساماتي

يطلّ علي الصباح فأستقبله ببرودِ محتضر .. أصطنع بعدها محاولاتٍ لخلق الفرح وأشيّد له صروحاً من وهم .. كلما حاولتُ أن أغسل قلبي بالضحك، داهمتني ذكراكِ لتهدم كل صروحي الواهية .. وتنطفئ البسمة كلما تعثّر فرحي المزيّف بتذكرك

أضعتُ في عرَض الصحراء قافلتي ... وجئتُ أبحثُ في عينيكِ عن ذاتي
وجئتُ أحضانكِ الخضراء منتشياً ... كالطفلِ أحمل أحلامي البريئاتِ
غرستِ كفّكِ تجتثين أوردتي ... وتسحقين بلا رفقٍ مسراتي
فراشةٌ جئتُ ألقي كهل أجنحتي .. لديكِ فاحترقتْ ظلماً جناحاتي
أصيحُ والسيفُ مزروعٌ بخاصرتي ... والغدر حطّم آمالي العريضاتِ

لم يكن كفكِ هو من سحق مسرّاتنا بل كف القدر الغادر .. كف الزمن الذي لم يمنح أحلامنا البريئات منفذاً تدلف به إلى الواقع عبر باب الحب الذي يجمعنا .. كانت كل طرق الحب مسدودة بحجة الزمن الذي لا يعدل دائماً

من لي بحذف اسمكِ الشفّافِ من لغتي ... إذاً ستمسي بلا ليلى حكاياتي

كم من ليلى تركت خلفها قيساً يتقلب في لهيب الإحتضار
ليلاي أنتِ ومشنقتي ومأساتي الكبرى ومرثيّة احتضاري وكلّ حكاياتي البائسة



.
.





بعد رحيلكِ بحثتُ عن وسيلة تعبير يمكن أن تشي بحجم الفاجعة .. فلم أستطع إلا أن أقيم عزائي كتابةً تحمل رائحة الجنائز
ولأني أهرق بكائي بالكتابة، صارت حروفي مالحةً وحارة .. وأخذ قلمي ينشج كلما أفرغت حزني عليكِ بحبره .. واكتسى الدفتر ثوب الذبول ليتخذ شكل قلبي عندما أبكي عليك
هذا القلم الذي دائماً ما تكتسي أطرافه بالبرد لكثرة ما كتبتُ به عن شتاء الغربة، جاء رحيلكِ ليبث لهبه كألسنة شمسٍ حارقة ويذيب كل الثلوج التي كان يرضخ تحت وطأتها .. فاشتعل القلم كعود ثقاب حتى صار لا يكتب إلا ما يحرق بشدة .. ولم أعد أدري إذا ما كان التيبس الذي أصيبت به يدي ناتجاً عن الساعات الطويلة التي أقضيها في الكتابة عنك أم أن اشتعال القلم امتد إلى يدي ليحرقها ويصيّرها كما الركام والأخشاب المتيبسة إثر حريق .. ربما لم يستطع جسدي وحده أن يبوء بحمل جذوة النار التي خلّقها رحيلكِ فطفق يوزّع احتراقه على كل ما حوله

.
.



أنتِ التي لا أحبكِ حين أحبك

شرحتُ لكِ جملة درويش هذه يوماً .. لفرط ما يسببه حب تلك المرأة من ألم في قلب ذلك العاشق فإنه يكره أن يحبها، هو يحبها جداً حد أن يفتكَ به حبها فيكره حالة الفتكِ تلك .. غمركِ الصمت حين شرحتها لكِ بهذا الشكل وكنتُ أظنكِ صمتِّ لأنك لم تفهمي أبعادها .. ولم أكن أعلم أن صمتكِ هو نتاج فهمكِ للجملة بشكل أفضل مني .. كنتُ أفهمها أنا حينذاك، لكني لم أدرك أني يوماً ما سأعيشها وأتشربها حد أن تضيق فضاءاتي بها

أسكتُ .. أصرخُ .. لا موعد للصراخ ولا موعد للسكوت
وأنتِ الصراخ الوحيد وأنتِ السكوتُ الوحيد.

حتى قصائد درويش غيّر رحيلك طعمها فصارت أغانيهِ مواويلَ حزنٍ ورخيم كمنجات .. كنتُ حين أقرأ بعض قصائده يفتح الكون لي ذراعيه ويتسع كأعظم ما يكون الإتساع، وتنبجس الرؤى والإشراقات .. والآن صار الكون يضيق وتنطفئ أقماره ويكفهر وجهه عند قراءة ذات القصائد
كم هو مؤلم أن يزورك الوجع من حيث كنتَ تتوقع مجيء الفرح

.
.

يومَ أن حاولتِ الإنتحار ذات حمقٍ منكِ وغفلةٍ مني، طلبتِ مني في البداية أن أختار وسيلته .. حين بدأتُ باستيعاب جديّتكِ في الحديث، عرضتُ أمامكِ رقم هاتفي، أنا الذي لم أنبس به أمامكِ طيلة أربعةِ أعوام كانت مدة معرفتي بكِ قبل هذه الحادثة .. ولهذا ترددتِ كثيراً قبل أن تتصلي ويأتيني صوتكِ المرتعش .. لم يكن يحمل رقةً غاوية ولا أنوثةً طاغية، غير أني حين تسلل إلى أذني تجمدتُ حتى نسيتُ سبب اتصالكِ .. لم أَلُم نفسي، فقد كنتُ ثملاً لتلك اللحظاتِ المعدودة .. لستُ أدري كيف حافظتُ على بقايا عقلي الذي أسكره صوتكِ حين أقنعتكِ بالعدول عن فكرة الإنتحار .. انتهت المكالمة التي لم تدم دقائق وذهبتِ لإستفراغ الحبوب التي كنتِ قد ابتلعتيها قبل أن تمتد أناملكِ المرتعشة للإتصال بي للمرة الأولى .. كانت مكالمتنا التالية في ذات الليلة، اتصلتُ بحجة رغبة الإطمئنان عليكِ .. وكانت الثالثة أيضاً في ذات الليلة، اتصلتِ بحجة رغبة شكري لإنقاذي حياتك .. وتعاقبت المكالمات بعد ذلك .. كان ذلك هو العام الخامسُ الذي تسللتِ فيه بخفةٍ إلى قلبي وقصائدي وعقلي الذي أدمن على التفكير بكِ .. هذا العقل الأحمق ارتكب اليوم إثماً أنانياً .. تمنّى للحظاتٍ لو أني تركتكِ تنتحرين ذلك اليوم، فلو انتحرتِ لما وُلد حبنا ولا كنتُ سأحترق اليوم بهذا الحب .. عنّفتُ نفسي بشدةٍ بعدها لمجرد تفكيري بهذا الأمر وإن كنتُ لم أفكر به إلا للحظات .. كان حبكِ جنةً تقلبتُ في أفيائها عاماً كاملاً .. وكنتِ ملجأً وبئراً لأحزاني طيلة الخمسة أعوام .. ولو خيّرتُ ما بيني أن أحيا أو تحيين أنتِ لاستقبلتُ الموت بثبات مجاهد ولارتسمتْ على وجهي بعده ابتسامة شهيد .. فلا يمكن أن أتمنى موتكِ وغياب حبكِ عن حياتي بصدقٍ حتى لو تسبب لي هذا الحب بكل عذاباتي
كانت تلك الأمنية الحمقاء إثماً، وها أنا أكفّر عن ذلك الإثم بهذا الإعتراف

.
.

اليوم هو اليوم الرابع فقداً، وها أنا أزحف نحو عامي العشرين بثقل ويأس .. وأعبر طرق الفقد بخطواتٍ محمومة ..
وها هي ذكرى رحيلكِ تتشجّر في ذاكرتي وتنمو .. تمتد أغصانها لتخنقني وتثمر شوكاً .. وأحاول عرقلة تضّخم الوجع بداخلي فينتشر كورم
منحني الزمن خمسة أعوامٍ ليمتلئ قلبي بحبك، فكم سيمنحني لأن أفرغ قلبي من هذا الحب المتجذر فيه؟ كم عاماً يلزمني أن أحترق بحبك قبل أن تنطفئ جذوته؟
يقولون بأن الحب لا يمحوه إلا حب آخر .. وأنا أملكُ قلباً ينفذ إليه الحب ببطئ شديد .. لهذا احتجتُ أربعة أعوامٍ قبل أن أسمح لحبكِ أن يولد في قلبي .. ثم رعيته وأنشأته وفطمته بحنان أم وسمحت له بالنمو .. وحين اشتد ساعده رماني
بعد طعنة الحب هذه، صار قلبي يملك مناعةً أقوى ضد الحب .. فكيف سينشأ فيه حب جديد بعدها بتلك السهولة؟ كم عاماً سأحتاج لأبني بقلبي حباً جديداً بعد أن صارت مناعته أقوى في حين أحتاج حبكِ خمسة أعوامٍ لينشأ بهذا الشكل رغم ضعف مناعة قلبي حينها؟ وأي امرأةٍ يمكن أن تبني عشقها بقلبي على طلل عشقكِ صلبِ القواعد والجذور؟
صعبٌ أن ينشأ حبّ آخر ليهدم حباً كهذا .. ويبدو أنني سأتورط ببنيان حبكِ الصلب طويلاً قبل أن يبدأ بالتزحزح، وقبل أن يفسح لحبٍ آخر منفذ نور يطل به في قلبي

لو أن الفتى حجر.


.
.



رحيلكِ يطاردني أينما حللت فأجلس في غرفتي وحيداً أقضم الساعات والأوقات، وكل الأشياء بعدكِ تشي بوجعي وبرائحة إحتراقي التي أحاول أن أخفيها فتفضحني أمام نفسي، ولا وسيلة للهروب .. عيني تتأمل لوحة فان جوخ المعلقة في صدر الغرفة، أطوف بفكري بهذه اللوحة لأهرب منكِ، فيذكرني ليلها المرصّع بالنجوم بليلي الموحش وأتذكر بوهيمية فان جوخ الذي قطع أذنه ليهديها حبيبته، فأتذكر حالي بعدكِ، أنا الذي قطعت قلبي لأهديكِ إياه ونسيتُ أن أسترده منكِ قبل رحيلك .. وتفشل محاولة الهروب هذه.

أنتقي أحد الأسطوانات الموسيقية بشكل عشوائي، وحين أبدأ للإستماع إليها أبتسم لسخرية القدر، من بين جميع الأسطوانات لم تقع يدي إلا على بيتهوفن، سوناتة ضوء القمر الكئيبة والغارقة في الحزن والوجع، وسمفونيته الخامسة تطرق رأسي وتقتاتني بعنف، بيتهوفن الذي كلما حاول أن يستعيد توازنه لا يمنحه القدر فرصة فيعود للتعثر، فكتب خامسته التي يحكي فيها صراعه مع أقداره وخذلانها له، لن يمنحني هذا الأصم البائس فرصة الهروب منك بل سيزيد تعملق ذكراك بداخلي .. وفشلت محاولة الهروب الثانية.

ألتقط أحد الكتب المتناثرة على أرض الغرفة، "ذاكرة الجسد" لماذا انتقيتُ هذه الرواية التي أجدك بين سطورها وأجد وجعي بين ثنايا كل حرفٍ سكبتْه مستغانمي فيها؟ .. وتفشل محاولة ثالثة

أبدأ بالتدخين بشراهة، أتخيل أني أطرد وجع رحيلكِ مع كل نفثة دخانٍ أطردها في الهواء، أتخيل أني أسحق هموم صدري مع كل عقبٍ أسحقه على منفضة السجائر، وأتأمل خيوط الدخان في الهواء، فأتذكر رحيلكِ وتطايركِ من بين يدي كما يتطاير هذا الدخان .. وتفشل محاولة أخرى .. وأخرى وأخرى.

أهرب بعدها إلى المرآة بخطواتِ متشردٍ بائس وأتأمل وجهي الذي ترك رحيلكِ آثاره عليه، في خطوط الوجع الذي حفرها رحيلكِ فيه، في مظهري البوهيمي وفي وذقني الذي بدأ بالنمو .. أمسك بشفرة الحلاقة وأنا عازمُ على انتزاع كل شعرةٍ في ذقني وأتخيل أني أنتزع معها كل جذوركِ الممتدة بداخلي .. أبدأ بالحلاقة بيدين مرتعشتين .. أرى طيفكِ في انعكاس عيني على المرآة .. ترتبك يدي حينها فتغوص الشفرة في ذقني مولدةً جرحاً عميقاً ومؤلماً .. أفقد عقلي حينها وألقي بالشفرة على المرآة بعصبية فينكسر جزء منها .. أتأمل انعكاس وجهي الذي تسيل منه الدماء على الشظايا المكسورة وألهث بعصبية وأصرخ بكل الأشياء حولي وأسألها عن سبب عجزي عن نسيانك .. وحين أهدأ، أنزوي في ركنٍ ما من الغرفة وأمسك رأسي بكلتا يديّ .. وأبكي.

منقول
.
.


vsJJhgi hpjvhr

 
 
 
 
 





رد مع اقتباس
قديم 02 - 06 - 2007, 10:51   رقم المشاركة : [2]
نائب المشرف العام
 

السامي تم تعطيل التقييم
افتراضي

احترقت مع كل حرف بهذي الرساله
نبشت قبرا ن الجراح
قد بدا يندثر باعماق سكوني
امير بكلمتي
كم ادهشتني بلاغة هذه الكلمات وهي تحاكينا وتحكينا في حروف من الم
لك شكري وتقديري
وقبل ذلك
لك ترحيبي الحار

الســــامي


السامي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02 - 06 - 2007, 21:54   رقم المشاركة : [3]
فارس المدينة
 

فارس الاحلام is on a distinguished road
افتراضي

ليس كل ماينقل رائع
ولكن الرائع لاينقل الا رائع
بصراحة رساله كلها شجن وكلماتها تفيض مصداقيه
مشكور اخوي الكريم وعساك على القوه
ومراحبا بك في المدينة


فارس الاحلام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02 - 06 - 2007, 21:58   رقم المشاركة : [4]
..:: من سكان المدينة ::..
 

عاشق الاحلام is on a distinguished road
افتراضي

منابع الابداع
انتم
وروعتكم تزهوا وتزهوا وتزهوا دائما
اخوي اخترت كلمات تستحق ان تنقل
وتكتب
مشكور اخوي


عاشق الاحلام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07 - 06 - 2007, 00:15   رقم المشاركة : [5]
سكرتير المشرف العام
 

بيســــان تم تعطيل التقييم
افتراضي

ياإلهي .. أي حزنِ قد غمرني ..!!
كم ادهشتني تلك الكلمااات وجعلت عيوني تسيل دموعاً لرقتها و حزنها ..

..


أمير بكلمتي ..
الف شكر لك على هذا النقل المبدع والرائع ,,
احسنت جدا في الاختيار ..
وهذا دلاله على ذوقك الادبي الرفيع ..

ننتظر جديدك ايها الفاضل
ودمت بخير


بيســــان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09 - 06 - 2007, 17:45   رقم المشاركة : [6]
الادارة
 

مدينة الاحلام is on a distinguished road
افتراضي

اخوي الغالي حروف ملتهبة اشعلتها على صفحاتنا لتلتهب وعلى احاسيسنا لتشتعل
كلمــات مقهوره حزينه لما ينتاب صاحبة من لوعة ووجد
سيدي الف شكر لك على نقلك لهذه الكلمات
والف شكر لك


مدينة الاحلام غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24 - 06 - 2007, 06:08   رقم المشاركة : [7]
..:: زائر مقيم ::..
 

دلوعة ماما وعز بابا is on a distinguished road
افتراضي

امير بكلمتي
كلمات رائعه وجميله <<<<<<<< بدون تعليق
تقبل مروري


دلوعة ماما وعز بابا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 - 07 - 2007, 15:23   رقم المشاركة : [8]
..:: مشرفة سابقة::..
 

بنوته فرعونيه is on a distinguished road
Talking


اخى كلمات جميله جميله
جميلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
وطويله اووووووووووووى

بس حلوه
اتمنلك التوفيق
بنوته فرعونيه انا


بنوته فرعونيه غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 19:49.

    Powered by vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
ترقية وتطوير: مجموعة الدعم العربى
  

SEO by vBSEO