نجوم باب الحارة يغزون مدارس غزة

نجوم باب الحارة يغزون مدارس غزة



التجار الفلسطينييون استغلوا شعبية نجوم المسلسل لترويج بضائعهم



تزامن حلول شهر رمضان المبارك هذا العام مع فتح أبواب المدارس في قطاع غزة، الأمر الذي حدا بالمستوردين الفلسطينيين إلى استيراد البضائع التي حملت صور أبطال الجزء الثالث من المسلسل الشهير "باب الحارة"، الذي يُعرض حصريا على mbc، وذلك أملا في جذب المشترين، استنادا إلى الشعبية الكبيرة التي حققها العمل في العالم العربي، وفي القلب منها: الأراضي الفلسطينية المحتلة.
مراسلة موقع "mbc.net" في قطاع غزة رصدت حالات الطلب الشديدة على المنتجات واللوازم المدرسية التي طُبع عليها صور لأبطال "باب الحارة" داخل أسواق غزة، لاسيما العقيد "أبو شهاب"، و"أبو العز"، و"سعاد خانم".
أحد محلات بيع اللوازم المدرسية في غزة ضجَّ بصراخ طفلٍ كان يحاول إقناع والده شراء كراريس طُبع على غلافها صور أبطال المسلسل السوري، وبينما كان والده خائفا من أن يؤثر إذعانه لطلب ابنه على درجة تركيز الأخير في التحصيل الدارسي، بقى الطفل مُصرا حتى حقق له والده مراده.

دفاعا عن فلسطين

ليست فقط الكراريس التي حملت صور أبطال المسلسل السوري، بل كانت الحقائب والأقلام أيضا، فـ"سلوى أبو مدين"، كانت تتجول بالسوق مع ثلاثةٍ من أطفالها بحثا عن لوازم المدرسة، تقول: "بعد أن سمحت إسرائيل بإدخال لوازم الدراسة لهذا العام، فوجئنا بصور أبطال "باب الحارة" تتصدر المبيعات، وعلى الرغم من قلة جودتها إلا أنها تُباع بأثمان أعلى بذريعة الصور التي تحملها"، موضحةً أن أطفالها المتيمين بأبطال المسلسل، أصروا على شراء منتجاتٍ تحمل صورهم حتى يتباهوا بها أمام زملائهم.
وبحسب رأيها، فإن المسلسل استطاع جذب المشاهدين- كبارهم وصغارهم- من خلال أحداثه الشيقة أولاً، وربطهم بقضية فلسطين، مضيفةً "لذلك لا أعتب على أطفالي إن اختاروا هذه المستلزمات، فصور هؤلاء أفضل بكثير من صور ممثلين آخرين لا يمتُّون إلى أخلاقنا العربية بصلة".
من جانبه، أجاب أحد أطفالها ويُدعى محمد (7 أعوام)- في الصف الثاني الابتدائي- عن سؤالٍ حول سبب اختياره حقيبة طُبعت عليها صورة "العقيد" أبو شهاب بقوله: "أحبه كثيرا، فهو قوي، ويساعد الفلسطينيين"، لافتا إلى أن أحد أصدقائه أراه كراريسه، وقد وُضعت عليها صورة "أبو العز"، وهذا ما دفعه إلى اختيار أبو شهاب ليزين حقيبته.
في المقابل، اعتبرت السيدة عبير شهوان، إذعانها لطلب أطفالها شراء حقائب وكراريس وأقلام تحمل صور أبطال أحد المسلسلات، يعني أنها ستتنازل لهم في كل مرة، قائلةً: "أخبرت أطفالي بأن دور الحقيبة هو أن تحمل الكتب فقط، وليس مهما أبدا ما وضعه صانعها عليها من صور". ولفتت إلى ما يقلقها في هذا الأمر بالقول: "ليس مهما شكل ما نشتريه، بل الأهم أن نسأل نفسنا.. هل يؤدي وظيفته أم لا ؟، وأنا أخاف إن عوّدت أطفالي على الاهتمام بالمظهر دون الجوهر.. أن يشبّوا على ذلك بقية حياتهم حتى في تعاملهم مع الآخرين".
ووافقها الرأي "أبو علي المغني"- 39 عاما- الذي رفض رفضا قاطعا شراء ما سماه "تقاليع" لأطفاله، تبعا للسبب ذاته الذي أبدته سابقته، معلقا على ذلك بقوله: "المهم الجودة، وليس الشكل، هذا ما أعلمه لأطفالي".

شرط الذهاب للمدرسة

بدورها اضطرت "أم توفيق" النخالة إلى شراء رزمتين من الكراريس المغلفة بصور أبطال المسلسل إرضاءً لطفلها الذي أخبرها بأنه لن يذهب إلى المدرسة إذا لم تشتر له لوازمه المدرسية، وعليها صور أبطال "باب الحارة"، مثل زميله في الصف الأول الابتدائي، الأمر الذي جعلها تجول السوق بحثا عن طلبه، بثمن يناسب ما هو متوفر لديها.
وقالت: "لا يمكن لأي أم أن تصد طفلها عن شراء شيء اشتهاه، ولذلك، وبرغم عدم اقتناعي بطلبه، إلا أنني لا أريد لطفلي أن يكون مختلفا عن زملائه"، مشيرةً في الوقت نفسه إلى إعجابها بالمسلسل وأبطاله برغم انتقادها للمطِّ في حلقاته خلال الجزء الثاني، وتمركز القصة حول طلاق أبو عصام، وأم عصام.
على جانبٍ آخر، تمنّت الطفلة تسنيم أبو لبن- في الصف الرابع الابتدائي- لو أن الحقائب التي حملت صور أبطال "باب الحارة" من الرجال، حملت بطلاته من النساء، وقالت: "لا أدري لماذا لم أجد كراسة أو حتى حقيبة تحمل صورة "جميلة"، مستدركةً بلهجتها الطفولية: "إن شاء الله في الجزء الرابع السنة القادمة يتذكرونا نحن البنات، وبيعملولنا دفاتر عليها صور البنات اللي بنحبهم في المسلسل".

رواج في الأسواق

"محمد الفرا"- بائع حقائب في سوق الشجاعية شرقي مدينة غزة- يؤكد من جانبه إقبال الأطفال الشديد على اختيار الحقائب التي تحمل صور أبطال "باب الحارة"، مرجعا ذلك إلى ما حمله المسلسل من قيم جميلة شجعتهم على متابعته، والتأسّي بأبطاله، وحمْل ما يمت إليهم بصلة مهما كان بسيطا.
وأشار إلى أن المعابر المغلقة هي التي حالت دون وصول منتجات "باب الحارة" الأخرى إلى القطاع، "ولولا ذلك لرأيتم كل شيء حتى قمصان الأطفال تحمل صور أبطال المسلسل".
واعتبر الشاب أحمد حمودة - 18 عاما- أن المستفيد الوحيد من رواج مثل هذه المنتجات هم التجار، وقال: "لنفكر سويا ماذا سيعود على الطفل إن اشترى حقيبة سوداء، أو اشترى حقيبة عليها صورة بطل من أبطال المسلسل؟"، متابعا: "المسلسل هادف، وأنا لا أنكر ذلك، لكن نحن نعيش في واقع يفرض علينا أن لا نهتم بسفاسف الأمور".

دوافع تجارية بحتة

تعليقا على انتشار المنتجات التي طُبع عليها أبطال "باب الحارة"، أكد الدكتور درداح الشاعر أستاذ علم النفس المساعد في جامعة الأقصى بغزة أن العملية برمتها عملية تسويقية لا أقل ولا أكثر، وأنها لن تعود بضررٍ ما على الطفل وسلوكياته.
وقال "أن يحمل الطفل حقيبة أو كراسة عليها صورة شخص معين، يعني أنه سيعتاد على وجودها مع مرور الوقت، ومخطئٌ من يظن أنه قد يتعلق بهذه الصورة أكثر من وقتٍ قليل، تبعا لقاعدة: "التعود على المثير يفقد الإثارة".
وكشف د. الشاعر عن أن شراء بعض المستلزمات الدراسية التي يختارها الطفل بنفسه، إلا إذا كانت تحمل صورا تخل بأخلاقنا العربية والإسلامية- شراؤها قد يكون سببا في تشجيع الطفل على الدراسة والمذاكرة، "خصوصا لطلبة السنوات الأولى، والذين لم يعتادوا على جو المدرسة بعد".

وأوضح أن نقد العمل الفني أمام الطفل -خيره وشره- فرصة جيدة لتعليم الطفل بالمشاهدة، وقال: "هي فرصة سانحة لكل أب، أن توضح لابنك أن هذا البطل على سبيل المثال إنسان خلوق وشهم وكريم، يعني أنك علمته معنى هذه الصفات، وأوضحت له أن الإنسان القوي هو الذي يتمتع بهذه الصفات... وأن تظهر له أن ذاك الشخص- دون تسمية- سيء الأخلاق وينبذه الناس لأنه يكذب، ويخون الأمانة يعني أنك علمته أن هذه الأخلاق سبب في كراهية الناس له".
وانتقد الآباء الذين يكتفون بمتابعة المسلسلات دون نقدها، ومناقشتها مع أبنائهم لأخذ العبرة "على أساس إظهار الحق ببينة، وشرح الشر بدليل".

المصدر: منتديات مدينة الاحلام