منتديات مدينة الاحلام

منتديات مدينة الاحلام (http://m.dreamscity.net/)
-   قسم المرأة (http://m.dreamscity.net/f13.html)
-   -   لمرأة والعمل والصحة النفسية (http://m.dreamscity.net/t65823.html)

بنت الخليج 26 - 03 - 2012 23:34

لمرأة والعمل والصحة النفسية
 
لمرأة والعمل والصحة النفسية



الدكتور حسان المالح
من المؤكد أن العمل يشكل محوراً رئيسياً في حياة الإنسان البالغ .. رجلاً كان أم إمرأة .
وللعمل أشكال متنوعة .. وهناك العمل العضلي والعمل الفكري والعمل المنزلي والعمل خارج المنزل .. والعمل في الأرض وفي البحر وفي الفضاء ..
ويمكننا أن نقول أن " العمل حاجة واستعداد " في داخل الإنسان وأنه يرتبط بجوهر الحياة نفسها .. فالحياة لا تستقيم بدون العمل بالنسبة للفرد والمجتمع على حد سواء .
والإيجابيات الأساسية بالنسبة للمرأة ( وأيضاً للرجل ) أن الإنسان يحقق ذاته وشخصيته ووجوده من خلال العمل .. وهو يحس بالإنتاج والإنجاز والأهمية . كما أن العمل يعطي صاحبه الاستقلال المادي ، ويساهم في تنمية قدرات الشخصية واغتنائها من النواحي العملية والفكرية والاجتماعية .
والقيام بالعمل يشعر المرأة بالرضا والسرور والنجاح وفي ذلك مكافأة .
.
والحقيقة أن الإنسان بلا عمل يصيبه الخمول والكسل والضياع والقلق .. كما أنه لا ينمو ولا يعيش الحياة بشكل كامل .. وكأنه يعيش الحياة أقل من غيره .. ..
وإذا تحدثنا عن السلبيات المرتبطة بعمل بعمل المرأة من الناحية النفسية نجد أن ذلك يرتبط بمدى مناسبة العمل لشخصية المرأة وقدراتها ومهاراتها ، وأيضاً بنوعية شروط أداء العمل وظروفه .. وأيضاً فإن العمل الروتيني الممل أو العمل القاسي الصعب يساهم بشكل سلبي في صحة المرأة النفسية .
ومن العوامل الهامة والمؤثرة أيضاً .. الشعور بالظلم وعدم الحصول على الحقوق إضافة إلى نقص المكافآت والتشجيع .
وفي بلادنا لا تزال القيم الاجتماعية المرتبطة بعمل المراة غير ايجابية عموماً .. وفي ذلك تناقض كبير مع الواقع المعاش ..حيث أن المرأة قد انخرطت فعلياً في ميادين العمل المتنوعة والضرورية ، ولكن القيم الغالبة لا تزال تثمن عمل المرأة داخل البيت فقط . ويمكن لهذه الضغوط الاجتماعية أن تلعب دوراً سلبياً في الصحة النفسية للمرأة العاملة .
والعمل المنزلي له أهميته الكبيرة ولا شك في ذلك .. ولكن الحياة المعاصرة بتعقيداتها المختلفة وتطوراتها ومتطلباتها قد ساهمت بتغير الصورة كما أن المرأة لم تنقطع عن العمل خارج المنزل بل استمرت فيه في البيئات القروية والصحراوية وفي أعمال الزراعة وتربية المواشي والأعمال الإنتاجية الأخرى المساندة .
وقد تغيرت أهمية الأعمال المنزلية مع تطور الأجهزة المنزلية واستعمال الكهرباء وتقنيات الرفاهية المتنوعة المستعملة في الغسيل والتنظيف والطبخ . كما أن تربية الأطفال ورعايتهم أصبح لها متطلبات وأشكالاً أكثر تعقيداً من حيث ضرورة الثقافة والتعليم في العملية التربوية ، وفي التغذية والرعاية الصحية وغير ذلك ..
.
ولا بد من تعديل القيم السلبية المرتبطة بعمل المرأة وتأكيد أهميته وجوانبه الايجابية وعدم إطلاق التعميمات الخاطئة أو السطحية حول عمل المرأة ، مما يساهم في تخفيف الضغوط والتناقضات التي تواجهها المرأة في عملها وبالتالي يدعم صحتها النفسية .
مدى نجاحها في عملها وفي أدوارها الأخرى المسؤولة عنها. ويرجع ذلك إلى حداثة عمل المرأة خارج البيت وإلى الضغوطات والمعوقات الاجتماعية المختلفة إضافة إلى تركيبة المرأة الخاصة من حيث تأهيلها وتدريبها .. مما يتطلب إعداداً وتدريباً ووقتاً كافياً كي تستطيع المرأة تلبية متطلبات الحياة العملية الكثيرة .
والملاحظة الأخيرة فيما يتعلق بصحة المرأة العاملة من الناحية النفسية هي أن المرأة يمكن لها أن تضخم من تأثير الضغوط الحياتية والاجتماعية وغيرها وأن تبقى مستسلمة وسلبية في مجال عملها وما يتعلق به من مشكلات " وأن تستريح وترتاح ".. وهي بذلك تساهم في زيادة القهر الذي يكرس أوضاعها .. ولا بد هنا من تأكيد دور المرأة في تشكيل الظروف والضغوط ونوعيتها .. وفي ضرورة وعيها بمشكلاتها وظروفها والعمل على تعديل وإصلاح مايمكن إصلاحه .. والتكيف مع مالايمكن إصلاحه وتغييره .. " إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم " .
وإذا تحدثنا عن الاضطرابات النفسية الشائعة لدى المرأة العاملة فإنه لايمكننا أن نقول أن هناك اضطرابات خاصة تصيب هذه الفئة من النساء دون غيرها . وبشكل عام فإن العمل يساهم في تحسن الصحة النفسية للمرأة كما تدل عليه معظم الدراسات الغربية وعدد من الدراسات العربية ، نظراً لإيجابيات العمل المتعلقة بالاستقلالية وتحقيق الذات وازدياد السيطرة على الحياة والمستقبل من النواحي الاقتصادية والشخصية .
وفي دراسة حول أسباب الاكتئاب في بريطانيا تبين أن عمل المرأة خارج المنزل هو من العوامل المهيئة للاكتئاب في حال وجود عوامل أخرى .. وهي : وجود ثلاثة أطفال على الأقل يحتاجون إلى الرعاية داخل المنزل ، وعدم وجود الزوج المتعاون الذي يساعدها ويعينها ، إضافة لفقدانها للأم أو الأب عندما كانت قبل الحادية عشرة من العمر .
ومن المتوقع في مجتمعاتنا أن الضغوط المتعددة التي تواجهها المرأة من النواحي الاجتماعية وتناقض النظرة إلى عملها أن تتسبب في زيادة القلق والتوتر والإحباط وسوء التكيف واضطراباته ..
..
وفي بعض المهن التي لايزال ينظر إليها المجتمع بشكل سلبي شديد مثل التمريض والتمثيل وغيرها .. يمكن لضغوط العمل نفسه مع الضغوط الاجتماعية أن تساهم في ظهور اضطرابات القلق والاكتئاب وسوء التكيف وغيرها ..
وفي ملاحظات أخرى عيادية نجد حالات من الارتباك والخجل أو مايسمى بالرهاب الاجتماعي ( الخوف الاجتماعي ) عند عدد من النساء العاملات في مجال التدريس وغيره .. حيث يتطلب العمل إثبات الذات والتعبير عنها إضافة للمهارات اللفظية وضرورة الحديث أمام الآخرين وإليهم .. وهذا لم تتعود عليه المرأة سابقاً ..
كما أن حالات أخرى تجد صعوبات في إتخاذ القرارات والاعتماد على النفس .. وتسبب لها بعض المواقف المهنية التي تتطلب قرارات عملية معينة قلقاً شديداً واضطراباً لأن تلك المواقف المرتبطة بالحياة العملية لم تتعود أن تتصرف فيها بنفسها ..
ويعني ماسبق أن العمل خارج المنزل يمكن أن يبرز عدداً من النواقص في مهارات المرأة وأساليبها التي لم تكتسبها سابقاً ولم تتدرب عليها بشكل مناسب .
وإذا تحدثنا عن الوقاية من سوء التكيف والاضطرابات النفسية الأخرى لابد من الإشارة إلى ضرورة تقديم الدعم الكافي والمناسب ( المعنوي والعملي ) للمرأة العاملة ومساعدتها على التخفيف من الأعباء الكثيرة التي تتحملها وتوفير الظروف المناسبة والتي تتوافق مع عاداتنا وقيمنا وديننا . وأيضاً المساهمة في حل المشكلات العملية التي تواجهها .
ولابد للمرأة من النقد الذاتي ، والتعلم من أخطائها ، وتطوير نفسها واكتسابها للمهارات اللازمة ، ولابد لها من تنظيم وقتها ، وإعطاء كل ذي حق حقه .
وأخيراً .. لابد من دراسة مشكلات المرأة بالتفصيل وتطوير الخبرات والممارسات العملية الإيجابية وترسيخ التقاليد المفيدة والمناسبة لعمل المرأة وما يرتبط به من مختلف الجوانب النفسية والاجتماعية .


الساعة الآن 10:12.

Powered by vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
ترقية وتطوير: مجموعة الدعم العربى
جميع الحقوق محفوظه لمدينة الاحلام ©


SEO by vBSEO