ظاهرة التدخين عند المراهقين
تهاني عبد الرحمن

للأسف نجد في واقعنا الاجتماعي الأليم أن ظاهرة التدخين هي أكثر انتشارًا، وأوسع تناولًا من أي ظاهرة أخرى.. فهذه العادة السيئة متفشية في ربوع المجتمع على اختلاف المستويات كبارًا وصغارًا رجالًا نساءً، ولم ينج منها إلا من كان قوي الإرادة وقوي العقل مقدمًا المصلحة على المفسدة..... وقليل هم.

نعلم جميعًا أن المراهقين يلجئون إلى كل الوسائل المتاحة ليبدوا أكبر سنًّا والدخان هو إحدى الوسائل المتوفرة. لا يبدأ المراهقون بالتدخين من أجل المتعة بل ليتخذوا لأنفسهم أسلوبًا مميزًا ويتسلحوا بشيء من رباطة الجأش. وبعد أن يعتادوا عددا معينا من السجائر في اليوم وتزيد حاجتهم إلى النيكوتين الموجود بالسجائر يصبحون مدمنين على التدخين، وبالتالي فإن العادات المكتسبة في مرحلة الطفولة هي عادات يصعب جدًّا التخلص منها لأنها لا تلبث أن تتحول إلى أمراض.

فما هي الأسباب وراء هذه الظاهرة؟..... ومن المسئول عن انتشارها؟...... وكيف نساعد هؤلاء المساكين من المراهقين على الابتعاد عنها؟ وهل هذا سهل؟ أم سنواجه الكثير من المتاعب؟

الكثير من التساؤلات وسنبدأ من البيت، يجب أن ينظر الوالدان للأسباب وراء تدخين الابن، فقد يعتقد الكثير أن خروج ابنهم من المنزل واختلاطه بالناس السبب وراء ذلك، وقد يكون السبب داخل المنزل فإذا كنتم تدخنون فلا تفاجئوا لرؤية أولادكم يدخنون، إنها مخاطرة، عليكم تقبل مسئوليتها.

فالأهل هم القدوة لأبنائهم فلا يستطيع الأب أن يقول لابنه: إن التدخين مضر بالصحة، وبيده سيجارة، حتى الأطفال الصغار يقلدون والدهم حينما يتوفر لهم شيء شبيه بالسيجارة مثل عود بسكويت فتعرف أن والده يدخن، فما بالك بالمراهق الذي يحاول الخروج عن المألوف، والشعور بأنه كبر.

أصدقاء السوء، إن وجود المراهق ضمن مجموعة من الأصدقاء يعد من الحاجات الأساسية للنمو الاجتماعي للمراهق ليعزز استقلاليته عن الأسرة وينشئ كيانًا موازيًا لها، ويضطر الشاب لملازمة أصدقائه رغم عدم اقتناعه بما يفعلونه فقد يرى بعضهم يدخن ولا يجرؤ على نصحه، ويضطر في النهاية إلى مسايرتهم في أفعالهم، أو تركهم إن كانت إرادته قوية.

وسائل الإعلام، فإن الدعايات الموجهة للمراهقين لترغيبهم في التدخين دعايات ذكية جدًّا مبنية على فهم خصائص المراهقة فيتم ربط التدخين بالرجولة، عبر مظهر الشاب الوسيم مفتول العضلات الذي يدخن بثقة وتفاؤل، وهذا ما يحتاج إليه المراهق.

أوقات الفراغ، دائما نجد المراهق يبحث عن شيء يشغله فلا يخلو لسان المراهق من كلمة ملل، فما أن يجد المراهق وقت الفراغ حتى يخرج بسرعة إلى أصدقائه والتعلق بالتدخين يشغل فراغ المراهق. إن الفراغ أفسد الكثير والكثير من الشباب.

للتدخين في سن مبكرة أضرار صحية ونفسية وأيضًا أضرار مالية، فالأضرار الصحية كما نعلم أنه يسبب:
سرطان الرئة، ضعف الذاكرة، يقلل الشهية، يسبب اصفرار الوجه والأسنان، يعود على الكسل والاسترخاء.
أما أضراره المالية: فإن صاحب الدخل المحدود ينفق ربع دخله على الدخان، وبالنسبة للمراهق فإنه يوفر مصروفه المدرسي من أجل الدخان أو يضطر إلى السرقة من أحد والديه أو إخوته من أجل توفير المال للدخان.

وباعتبار أن الدخان قد ثبت ضرره جسميًّا وتحقق خطره صحيًّا فإنه يجب الابتعاد عنه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ) لا ضرر ولا ضرار ( وقال الله تعالى:
﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ (سورة البقرة آية: 195)، أما معالجة هذه الظاهرة فتعود إلى الوالدين أولا، فيجب على الآباء المدخنين الابتعاد عن التدخين والبدء بمعالجة أنفسهم حتى يكونوا القدوة الحسنة لأبنائهم. كما يجب على الآباء أن يراقبوا أولادهم ويتعرفوا على سلوكهم وتحركاتهم، ويعالجوا انحرافاتهم حتى يردوهم إلى الطريق الصحيح.
يجب شغل أوقات المراهق واستهلاك طاقته بشيء نافع مثل: دخول بعض الدورات العلمية، والاهتمام بتعلم المهارات، فيجب أن نساعد المراهق على ملء وقت فراغه بعمل مثمر وشيء نافع.

أيضًا من الضروري أن تناقشوا مع أولادكم بهدوء وتفاهم موضوع التدخين وأن تصغوا إليهم وتقدموا حججكم، يجب أن تقدموا لهم تقارير صحفية أو تلفزيونية تبين مخاطر التدخين فإن الحوار الهادئ والمقنع يجعلهم يقتنعون بحججكم.

المراجع:
· كتاب (نحو مراهقة آمنة) فهد محمد الحمدان.
· كتاب (في بيتنا مراهق) مترجم- آن شابيرو.
· كتاب (تربية الأولاد في الإسلام) عبد الله ناصح علوان.
· كتاب (المراهق كيف نفهمه، وكيف نوجهه؟) أ. د. عبد الكريم بكار.